للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما بِالمدينةِ دارٌ غَيْرُ واحدَةٍ ... دارُ الخليفةِ إِلاّ دَارُ مروانا (١)

وتقدير ذلك عنده: ولا الذين ظلموا - والفرقدان - ودار مروان. وقد تعقبه النحويون وخطأوه في ذلك. وقد رد الفراء قول أبي عبيدة بقوله: «فهذا صواب في التفسير، خطأ في العربية، إِنَّما تكونُ إِلاّ بِمَنْزِلة الواو إذا عطفتها على استثناءٍ قبلَها، فهنالك تصيرُ بِمَنْزِلةِ الواو». (٢) وقد استشهد الفراء بشاهد أبي عبيدة الثاني وهو قول الفرزدق، وقال في تأويله: «كأنه أراد: ما بالمدينة دارٌ إلا دار الخليفة ودار مروان». (٣)

وزاد الطبري قول الفراء أيضاحًا فقال: «فَبَيّنٌ خطأُ قولِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ معنى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [البقرة: ١٥٠]: ولا الذين ظلموا منهم، وأَنَّ (إِلا) بِمعنى الواو؛ لأَنَّ ذلك لو كان معناه، لكان النفي الأولُ عَن جَميع الناسِ أَنْ يكونَ لهم حجةٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في تحولهم نحو الكعبة بوجوههم مبينًا عن المعنى المراد، ولم يكن في ذكر قوله بعد ذلك {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} إِلَّا التلبيسَ الذي يتعالى عن أن يضاف إليه أو يوصف به». (٤)

ثالثًا: الاستشهاد البلاغي.

وهو إيراد الشعر للاستشهاد على المسائل البلاغية في القرآن. وأساليب البلاغة يُستشَهدُ لَها بشعر المتقدمين والمتأخرين على حَدٍّ سواء لتعلُّقِ الأمر بالمعاني لا بالألفاظ، والمعاني مشاعةٌ بين الجميع. (٥)

والشواهد البلاغية في كتب معاني القرآن وغريبه قليلةٌ، موازنة بالشواهد اللغوية والنحوية. وذلك أن البلاغة لم تكن قد اتضحت


(١) انظر: الكتاب ١/ ٣٧٣، المقتضب ٤/ ٤٢٥، الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٦٩ وليس في ديوان الفرزدق.
(٢) معاني القرآن ١/ ٨٩ - ٩٠.
(٣) المصدر السابق ١/ ٩٠.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ٣/ ٢٠٤.
(٥) انظر: الخصائص ١/ ٥٤.

<<  <   >  >>