للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كتب النحو، فلعل اعتراض ابن عطية على رواية الزجاج والطبري لاطلاعه على رواية محمد بن حبيب في شرحه لديوان جرير، ولم يطلع على ما ذكره المبرد وغيره من المتقدمين. وصنيع ابن عطية في رده لهذه الرواية للشاهد يدل على عنايته بروايات الشواهد، ورده الرواية التي يشك في صحتها. وأمثلة التشكيك في روايات الشواهد عند المفسرين كثيرة. (١)

٣ - إيراد الروايات الأخرى إذا دعت الحاجة.

وربما يورد المفسرون روايات أخرى للشاهد الشعري عند الحاجة إلى ذلك، وربما يوردونها لمزيد بيان الشاهد وإن لم يكن ثمة حاجة داعية لذكر الروايات الأخرى ولا سيما إذا كانت الرواية الأخرى لا تتعلق بمحل الشاهد من البيت.

ومن أمثلة ذلك أن الطبري عند الحديث عن القراءتين الواردتين في قوله تعالى: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: ٢٢] (٢)، حيث قرأها بعضهم: {مِنْ سَبَإٍ} بالتنوين على أنه رجلٌ اسمه سبأ (٣)، وقرأها بعضهم: {سَبَأَ} بِمَنعها من الصِّرفِ على أنه اسم امرأة أو قبيلةٍ (٤) قال الطبري: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان، وقد قرأ بكل واحدةٍ منهما علماءُ من القراء، فبأيتهما قرأ القارئُ فمصيبٌ، فالإجراء (٥) في سبأ، وغير الإجراء صوابٌ؛ لأن سبأ


(١) انظر: الكشاف ٣/ ٥٠، ١١٧، ٤/ ٢٤١ وغيرها.
(٢) النمل ٢٢.
(٣) هذه قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي جعفر ويعقوب وخلف. انظر: النشر ٢/ ٢٥٣.
(٤) هذه قراءة ابن كثير برواية البزي، وأبي عمرو، وروى قنبل عن ابن كثير إسكان الهمزة. المصدر السابق.
(٥) الإجراء من مصطلحات الكوفيين التي وضعها الفراء، وهو الصَّرْفُ عند البصريين، أي التنوين. انظر: دراسة في النحو الكوفي ٢٣٣.

<<  <   >  >>