للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الرواة الكذابين كحمَّاد الراوية، ورفض مروياته، وبَيَّنَ فساد روايته، وحذَّرَ منه، فقال: «وكان أول من جمع أشعار العرب، وساق أحاديثها، حماد الراوية، وكان غير موثوق به، وكان ينحل شعر الرجل غيره، وينحله غير شعره، ويزيد في الأشعار» (١). وقال يونس بن حبيب: «العجب ممن يأخذ عن حماد، وكان يكذب ويلحن ويكسر» (٢).

[٢ - التنبيه على من يحمل الشعر المزيف من غير الرواة]

وذكر ابن سلَّام صنفًا آخر من الرواة يحملون الشعر الزائف هم رواة الأخبار والسير، وأشار إلى ابن إسحاق راوي السيرة النبوية، فقال: «وكان مِمَّن أفسد الشعر وهجَّنه، وحَمَلَ كل غثاء منه محمد بن إسحاق بن يسار ... وكان من علماء الناس بالسير ... فقبل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، أُتينا به فأحمله، ولم يكن ذلك له عذرًا، فكتب في السير أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلًا عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرة، وليست بشعر، إنما هو كلام مؤلف معقود بقوافٍ، أفلا يرجع إلى نفسه، فيقول: مَنْ حَمَلَ هذا الشعر؟ ومَن أداه منذ آلاف السنين، والله تبارك وتعالى يقول: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنعام: ٤٥] (٣) أي: لا بقية لهم، وقال أيضًا: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١)} [النجم: ٥٠، ٥١] (٤)؟ » (٥).

وقال كذلك: «ولسنا نَعُدُّ ما يروي ابن إسحاق له - أي لأبي سفيان بن الحارث - ولا لغيره شعرًا، ولأن لا يكون لهم شعرٌ أحسن من أن يكون ذلك لهم» (٦).

ولم يكن ابن سلام وحده الذي نبَّهَ إلى فساد الشعر الذي يحمله


(١) طبقات فحول الشعراء ١/ ٤٨.
(٢) المصدر السابق ١/ ٤٩.
(٣) الأنعام ٤٥.
(٤) النجم ٥٠ - ٥١.
(٥) طبقات فحول الشعراء ١/ ٧ - ٨.
(٦) المصدر السابق ١/ ٨.

<<  <   >  >>