للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توجيه القراءات من حيث بيان وزن اللفظة المختلف في قراءتها بين القراء، وهو غرض سيأتي الحديث عنه على حدة. وهذه القراءة التي ذكرها الطبري عدها العلماء من شواذ القراءات (١)، لأن هذا البناء مختص بالمعتل كسَيِّدٍ ومَيِّتٍ، قال مكي بن أبي طالب: «وقد روي عن عاصم كسر الهمزة بيئس على فيعل، [و] هو بعيد؛ لأن هذا البناء إنما يكون فيما اعتلت عينه، مثل سيّد، وميّت». (٢)

الاستشهاد للصيغة لا للمعنى.

من صور الاستشهاد اللغوي بالشعر في كتب التفسير، الاستشهاد من أجل توضيح صيغة بعض المفردات وتقريب نطقها وتعدد أبنيتها لتعدد لغات العرب فيها، دون أن يكون لذلك أثره في معنى اللفظة. وليست هذه الصورة بكثيرة الأمثلة في كتب التفسير.

ومن أمثلة هذه الصورة قول الطبري: «وقولهُ: {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: ١٤] (٣) يقول: وكانت الجبالُ رَمْلًا سائلًا مُتناثرًا. والمَهِيْلُ مَفعولٌ من قول القائلِ: هِلْتُ الرملَ، فأَنا أَهِيْلُه، إذا حُرِّكَ أَسفَلُهُ، فانْهالَ عليهِ مِنْ أعلاهُ، وللعرب في ذلك لغتانِ، تقول: مَهِيْلٌ، ومَهْيُولٌ، ومَكِيْلٌ ومَكْيُولٌ، ومنه قولُ الشاعر (٤):

قد كان قَومُكَ يَحسَبُونَكَ سَيِّدًا ... وإِخالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ (٥)». (٦)

وهذا شاهد لغوي على أن للعرب في مهيل وأمثالها لغتان، وقد أورد الشاهد للاستشهاد به على أَنَّ «مَعِيْن» يأتي على «مَعْيُون»، فكذلك


(١) انظر: المحتسب ١/ ٢٦٤، البحر المحيط لأبي حيان ٤/ ٤١٣، النشر ٢/ ٢٣٢.
(٢) مشكل إعراب القرآن ٢٩٠ - ٢٩١.
(٣) المزمل ١٤.
(٤) هو العباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه.
(٥) انظر: ديوانه ١٥٦، الأغاني ٦/ ٣٤٢، أمالي المرزوقي ٥٠.
(٦) تفسير الطبري (هجر) ٢٣/ ٣٨٥.

<<  <   >  >>