للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: أبطلناه بالكفر. وليس الهباء من ذوات الهمز، وإنما همزت لالتقاء الساكنين، والتصغيرُ هُبَيٌّ في مَوضعِ الرفعِ. وفي النحويين من يقول: هُبَيٍّ في موضع الرفع، حكاه النحاس (١). وواحده هَبَاةٌ، والجَمع أَهْبَاءُ، قال الحارث بن حِلِّزَةَ يصف ناقةً:

فَتَرَى خِلْفَهَا مِن الرَّجْعِ والوَقْـ ... ـعِ مَنِينًا كأَنَّهُ أَهْبَاءُ (٢)» (٣).

والأمثلة على ذلك في التفسير متعددة، وإن لم تبلغ حد الكثرة.

رابعًا: اعتماد الشاهد الشعري في إعراب الآيات.

يستعين القرطبي في مواضع كثيرة بالشاهد الشعري في تأييد أو توجيه إعراب تركيب في الآية التي يفسرها، وعادة ما يكون هذا التوجيه مذكورًا في كتب النحاة السابقين، ولا يزيد القرطبي على أن يحكي هذا التوجيه.

ومن أمثلة ذلك قوله عند تفسيره لقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: ٣] (٤) حيث ذكر اختلاف النحاة في ذلك، واختار إعراب الأخفش، ثم قال: «وأَجازَ الأخفشُ الرفعَ على لغةِ «أَكلُوني البَراغِيثُ»، وهو حَسَنٌ .... قال الشاعرُ (٥):

بِكَ نَالَ النِّضَالُ دُونَ المَسَاعِي ... فَاهْتَدَينَ النِّبَالُ للأَغْرَاضِ (٦)

وقال آخر (٧):


(١) انظر: إعراب القرآن ٣/ ١٥٧.
(٢) خِلْفَها أي: خِلْفُ الناقة، والرَّجْعُ رَجعُ قوائمِها، والوَقْعُ وَقْعُ خِفَافها. انظر: ديوانه ١٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٣/ ٢٢.
(٤) الأنبياء ٣.
(٥) هو أبو تمام، وهذا موضع نادر استشهد فيه القرطبي في النحو بشعرِ مُحدَثٍ. غير أنه أتبعه بشاهد للفرزدق.
(٦) انظر: ديوانه ١٧٦.
(٧) هو الفرزدق يهجو عمرو بن عفرا.

<<  <   >  >>