للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: الترجيح بين الأساليب.

استشهد المفسرون بالشعر في مواضع متفرقة من كتبهم عندما يقع الخلاف حول المعنى المراد بتركيب قرآني يحتمل أكثر من معنى، ويكون المجال مفتوحًا للمفسر ليختار المعنى الأليق بهذا التركيب، فيرجع المفسرون للغة لكي ينظروا في أمثال هذا التركيب والمراد به عند العرب. ومن أمثلة استشهاد المفسرين بالشعر للترجيح بين تراكيب قرآنية:

١ - قال القرطبي عند بيان المقصود بالآلِ في قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ} [البقرة: ٤٩] (١): «واختلفت النحاةُ أيضًا هل يُضافُ الآلُ إلى المُضمرِ أَو لا؟ فمنعَ من ذلك النحاسُ والزبيديُّ والكسائيُّ، فلا يقالُ إِلَّا: اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ وآلِ مُحمدٍ، ولا يُقال: وآلهِ. والصوابُ أَنْ يقالَ: أَهلهُ. وذهبت طائفةٌ أخرى إلى أَنَّ ذلك يُقالُ. منهم ابن السِّيد وهو الصوابُ؛ لأَنَّ السَّماعَ الصحيحَ يعضدهُ، فإِنَّهُ قد جاءَ في قول عبد المطلب:

لا هُمَّ إِنَّ العَبدَ يَمنَـ ... ـعُ رَحْلَهُ فامنعْ حِلالَكْ

وانصُرْ على آَلِ الصَّليـ ... ـبِ وعَابديهِ اليومَ آَلَكْ (٢)

وقال نُدبَةُ:

أَنا الفارسُ الحامي حَقيقةَ وَالدِي ... وآلي كَما تَحمِي حَقيقةَ آلِكا (٣)

الحَقيقةُ - بقافين: ما يَحِقُّ على الإنسانِ أَن يَحميَهُ، أَي: تَجبُ عليه حِمَايتهُ». (٤)


(١) البقرة ٤٩.
(٢) انظر: أخبار أبي القاسم الزجاجي ٥٢.
(٣) روايته في الديوان المَجموع:
أَنا الفَارسُ الحامِي الحَقيقةَ وَالذي ... بهِ أُدْرِكُ الأبطال قِدمًا كَذلكا
والقرطبي رواه كما رواه ابن السيد البطليوسي. انظر: ديوان ندبة بن خفاف السُّلمي ٨٢، شرح أدب الكتاب ١/ ٣٨.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١/ ٣٨٣.

<<  <   >  >>