للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - ومن الأمثلة أيضًا التي تبين أثر الشاهد الشعري في الترجيح بين الأقوال في التفسير قول القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ} [الكهف: ٧٤]} (١) بعد أن ذكر اختلاف المفسرين في بلوغ الغلام، أم عدم بلوغه. فاختار القول ببلوغ الغلام، ومن جملة الأدلة التي استدل بها على صحة اختياره أن العرب تطلق على الشاب البالغ اسم الغلام، وليس وصف الغلام مقصورًا على الصغير الذي لم يبلغ فقال: «وقد احتجَّ أهلُ القولِ الأولِ بأَنَّ العَرَبَ تُبْقِي على الشابِّ اسمَ الغلامِ، ومنهُ قولُ ليلى الأخيلية:

شَفاها مِن الدَّاءِ العُضالِ الذي بِها ... غُلامٌ إذا هَزَّ القناةَ سَقَاها (٢)

وقال صفوانُ لحسان:

تَلَقَّ ذُبابَ السَّيفِ عَنِّي فَإِنَّنِي ... غُلامٌ إذا هُوجِيتُ لَستُ بِشَاعرِ (٣)». (٤)

وقد يكون الترجيحُ والاختيار لأصل اشتقاقيٍّ على آخرَ في اللفظةِ، ومن ذلك قولُ ابن عطية وهو يبين أصل اشتقاق لفظ القُرآن: «والقول الأولُ أَقوى أَنَّ القرآنَ مصدرٌ مِن «قرأ» إذا تلا، ومنه قولُ حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه:

ضَحَّوا بِأَشْمَطَ عُنوانُ السُّجُودِ بِهِ ... يُقَطِّعُ الليلَ تَسبيحًا وقُرآنا (٥)

أي: قراءةً». (٦) وأمثلة استشهاد المفسرين بالشاهد الشعري عند الترجيح بين الأقوال في اختيار المعنى الصحيح للفظة القرآنية كثيرة. (٧)


(١) الكهف ٧٤.
(٢) انظر: ديوانها ٨٧، الكامل ١/ ٣٩٨، أمالي القالي ١/ ٨٦.
(٣) هو صفوان بن أمية، والبيت في السيرة النبوية ٣/ ١٢٤.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١١/ ٢١.
(٥) انظر: ديوانه ٢١٦.
(٦) المحرر الوجيز ١/ ٤٥.
(٧) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٢١/ ١١٥، ٢٣/ ٥٧٧، ١٤/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>