للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك من المفسرين من يقتصد في التعرض لبعض المسائل النحوية ذات العلاقة بالتفسير، ويحيل القارئ إلى الكتب الموسعة في ذلك، كما قال الرازي: «لفظة «كان» قد تكون تامةً، وناقصةً، وزائدةً، على ما هو مشروح في النحو» (١). وقول أبي حيان -وهو من المكثرين من النقاشات النحوية في تفسيره - وهو يتحدث عن معنى «إِلَّا»: «إلا

حرفٌ، وهو أَصلٌ لأدوات الاستثناء، وقد يكونُ ما بعده وصفًا، وشرطُ الوصف به جوازُ صلاحية الموضع للاستثناء، وأحكام «إِلَّا» مُستوفاةٌ في علم النحو» (٢)، ونحو ذلك من العبارات، مِما يدل على أن المفسرين - على تعدد مناهجهم - كانوا يحرصون على البقاء في دائرة التفسير، وعدم الخروج بالتفسير عن إطاره إلى الاستطراد في مسائل خارجة عن صلب التفسير.

- كثرة الاعتماد على شاهد شعري مفرد في كثير من المسائل.

في مواضع متفرقة، ومسائل متعددة في كتب التفسير يكتفي المفسرون بالشاهد الشعري دون غيره من الشواهد، ويبنون عليه تفسيرهم ولا سيما تفسير الغريب، أو الوجه النحوي أو غير ذلك. وهذا يدل على اعتمادهم للشاهد الشعري، وأنه يستقل بالدلالة اللغوية وما يتصل بها. ولا سيما إذا لم يرد في القرآن الكريم ما يفسر الآية، أو لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة أو التابعين في ذلك تفسير، فيكون الأولى عند عدم وجود تفسير لهم المصيرَ إلى ما وردَ في لغة العرب التي يُعَدُّ الشاهدُ الشعريُّ من أهم صُورها، ولذلك يقول الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: ٣٣] (٣)، بعد إيراده لأقوال المفسرين فيها: «والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عَزَّوَجَلَّ: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مجاهد كحَديدةِ الرَّحى،


(١) تفسير الرازي ٨/ ١٧٧.
(٢) البحر المحيط ١/ ٥٢.
(٣) الأنبياء ٣٣.

<<  <   >  >>