للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: ألم تعلموا». (١)

[٣ - نسبة الشاهد لمن أنشده من العلماء والرواة]

أدرك أبو عبيدة والفراء كثيرًا من الرواة من العلماء والأعراب الذين يروون شعر شعراء القبائل، ومن ذلك قول أبي عبيدة: «سَمعتُ مَنْ يُنشدُ بيتَ خِرْنِق بنت هفان من بني سعدِ بن ضُبيعةَ، رهطِ الأعشى:

لا يَبْعَدَنْ قَومي الذين هُمُ ... سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ

النّازِلِيْنَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... والطَّيْبِينَ مَعاقِدَ الأُزْرِ (٢)

فيخرجون البيت الثاني من الرفع إلى النصب، ومنهم من يرفعه على موالاة أوله في موضع الرفع». (٣)

وهذا من أبي عبيدة استشهادٌ بلغة المُنشدِ للشاهدِ، لا بلغةِ الشاعر، فالشاعرة قيسيةٌ قالت هذا الشِّعرَ في رثاء زوجها بشر بن عمرو بن مرثد ومن قتل معه من بنيه وقومه، حين غزا بني أسد بن خزيمة. (٤) ورواية الشطر الثاني من البيت الثاني بالرفع، كما في المصادر الأخرى. (٥) وإن كان سيبويه قد أجاز الوجهين فقال: «ووإن شئت أجريت هذا كله على الاسم الأول، وإن شئت ابتدأته جميعًا فكان مرفوعًا على الابتداء، كل هذا جائز في ذين البيتين وما أشبههما». (٦)

استفاد ابن قتيبة في كتبه من كتب أبي عبيدة وخاصة مجاز القرآن، فهو ينقل عنه تفسير الغريب، وينقل شواهده الشعرية أيضًا، وقد يشير إلى ذلك، وربما يغفل الإشارة إلى أبي عبيدة. ومِنْ إشارته لأَبي عُبيدة قوله


(١) غريب القرآن ٢٢٨.
(٢) تقدم تخريجهما.
(٣) مجاز القرآن ١/ ٦٥.
(٤) انظر: الحلل في إصلاح الخلل من كتاب الجمل للبطليوسي ٢ - ٣.
(٥) انظر: الكتاب لسيبويه ١/ ٢٠٢، ٢/ ٥٨، خزانة الأدب ٥/ ٤١.
(٦) الكتاب ١/ ٢٠٣، خزانة الأدب ٥/ ٤٢ - ٤٣.

<<  <   >  >>