للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال الشاعر (١):

ليس مَنْ ماتَ فاستراحَ بِمَيْتٍ ... إِنَّما المَيْتُ مَيِّتُ الأَحياءِ (٢)

فجمعَ بينَ اللُّغتينِ في بيتٍ واحدٍ، في معنى واحد. وقرأها بعضهم بالتشديد، وحَمَلوها على الأصل» (٣). ثم أبانَ الطبريُّ عن رأيه في هاتين القراءتين فقال: «والصوابُ من القول في ذلك عندي أَنَّ التخفيفَ والتشديدَ في ياء (الميتةِ) لغتان وقراءتان معروفتان في القراءة وفي كلام العرب، فبأَيِّهما قرأَ ذلك القارئ فمصيبٌ؛ لأَنَّه لا اخْتلافَ في معنييهما». (٤) وهذا استشهاد لغوي بالشعر على صحة هاتين القراءتين في لغة العرب، ووجودها في كلامهم، فوق صحة سندها وكونها قراءة مروية. (٥)

ثانيًا: بيان المعنى اللغوي للقراءة.

من الاحتجاج للقراءات المتواترة من حيث اللغة بالشعر قول ابن عطية عند بيان أوجه القراءة في قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)} [التوبة: ٥٧] (٦): «وقرأ جُمهورُ الناس: {يَجْمَحُونَ} (٧)، معناه: يُسرعونَ مُصمِّمينَ غيرَ مُنْثَنِيْن، ومنه قول مهلهل:

لقدْ جَمَحْتُ جِمَاحًا في دِمائِهمُ ... حتى رأَيتُ ذَوي أَحسابِهِمْ خَمَدوا (٨)». (٩)


(١) هو عدي بن الرعلاء الغساني.
(٢) انظر: الأصمعيات ١٥٢، معجم الشعراء ٨٦.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ٣/ ٥٤ - ٥٥.
(٤) المصدر السابق ٣/ ٥٥.
(٥) انظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١٤٤، تهذيب اللغة ١٤/ ٣٤٣.
(٦) التوبة ٥٧.
(٧) قرأ الجميع {يَجْمَحُون}، وقرأ الأعمش عن أنس بن مالك (يَجْمَزُونَ) وهي بمعنى القراءة المتواترة. انظر: البحر المحيط ٥/ ٥٥، المحتسب ١/ ٢٩٦.
(٨) ليس في ديوانه المجموع، وهو من القصيدة المذكورة ص ٢٧ في الديوان، وهو مما فات جامع الديوان لاكتفائه بِمَا ورد في العقد الفريد ٥/ ٢٢٠، ونِهاية الأرب ١٥/ ٤٠٢.
(٩) المحرر الوجيز ٨/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>