للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذا قيلَ للفَرَسِ المُسرِعِ إذا لم يَرُدَّهُ شيءٌ: جَمُوح، قال الأزهري: «فَرَسٌ جَموحٌ، له معنيان:

أحدُهُما: يُوضعُ مَوضعَ العَيبِ، وذلك إذا كان مِنْ عادتهِ رُكوبُ الرأَسِ لا يَثنيه راكبُهُ، وهذا من الجِمَاحِ الذي يُرَدُّ منه بالعيبِ.

والمعنى الثاني في الفَرَسِ الجَمُوحِ أَن يكونَ سريعًا نشيطًا مَرُوحًا، وليس بعيبٍ يُرَدُّ منه، ومصدره الجُمُوحُ». (١) وقد استشهد ابن عطية لبيان المعنى اللغوي لكلمة (يجمحون) في الآية بشاهد الشعر.

ومن ذلك قول ابن عطية عند بيان القراءات المتواترة وغيرها في قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (٦٣)} [ص: ٦٣] (٢): «وقرأَ الباقونَ (٣) (سِخْرِيا) بكسرِ السِّينِ، وهي قراءة الحسن وأبي رجاء وعيسى وابنِ مُحيصِنٍ، ومعناها المشهور من السُّخْرِ الذي هو الهُزْءُ. ومنه قول الشاعر (٤):

إِنِّي أَتاني لِسانٌ لا أُسَرُّ بِها ... مِنْ عَلو لا كَذِبٌ فيها ولا سَخَرُ (٥)». (٦)

فقد استشهد ابن عطية لبيان معنى قراءة الكسر التي قرأ بها عدد من السبعة، بأَنَّها من السُّخْرِ الذي هو الاستهزاء بالشاهد الشِّعْرِي، وذهب الزجاج إلى أَنَّ (سِخْريَّا) بكسرِ السين وضمِّها لغتان بِمعنى واحد (٧)، في


(١) تهذيب اللغة ٤/ ١٦٨.
(٢) ص ٦٣.
(٣) قرأ عبد الله بن مسعود وأصحابه ومجاهد والضحاك وأبو جعفر وشيبة والأعرج والمفضل عن عاصم وهبيرة ويحيى والأعمش ونافع وحمزة والكسائي وخلف {سُخْرِيَّا} بضم السين من السُّخْرَةِ والتَّسْخِيْر. وقرأ الحسن وأبو رجاء وعيسى بن عمر وابن محيصن واليزيدي وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم {سِخْرِيَّا} بكسر السين من الهُزْءِ. انظر: النشر ٢/ ٣٢٩، معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٤٣، حجة القراءات ٤٩١.
(٤) هو الأعشى الباهلي يرثي المنتشر بن وهب الباهلي.
(٥) انظر: خزانة الأدب ١/ ١٩١.
(٦) المحرر الوجيز ١٤/ ٤٧.
(٧) انظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٤٠.

<<  <   >  >>