للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظهر لك هذا المعنى منه، إلا إذا عرفت أن عامر بن الطفيل الشاعر كان عقيمًا لا يولد له، وأنه قد فُقِئَت عينُه في حَربٍ فأصبح أعورَ عَقيمًا، فحينئذٍ تفهم البيت على وجهه، وابن عطية لم يذكر ذلك، وإنما عُرِفَ هذا بالرجوع إلى شرح الديوان. (١) وهذا يعني أنه على من يقرأ في كتب التفسير أن يكون عارفًا بمعاني العرب، ومقاصدها وأحوالها، وأيامها، فإن ذلك معينٌ على فَهمِ القرآن الكريم وتفسيره.

القانية: تحليل تركيب الشاهد وشرحه وبيان علاقة معناه بالآية.

كان العلماء يذكرون وجه العلاقة بين المعنى في الآية القرآنية والشعر، ويكثرون منه في تفاسيرهم، حتى أن بعض اللغويين ممن لم يشتغل بالتفسير كان يخطر له الخاطر من ذلك كما قال ابن جني عن نفسه: «ومن طريف حديث هذا الخاطر أنني كنت منذ زمان طويل رأيتُ رأيًا جَمعتُ فيه بين معنى آيةٍ ومعنى قولِ الشاعر:

وكنتُ أَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ مُعتدِلًا ... فَصِرْتُ أَمْشِي عَلى أُخْرى مِن الشَّجَرِ (٢)

ولم أثبت حينذٍ شرح حال الجمع بينهما ثقة بحضوره متى استحضرته، ثم إني الآن - وقد مضى له سنون - أُعَانُّ الخاطرَ وأَستَثْمِدُه، وأُفَانيهِ وأَتَوددهُ، على أن يسمح لي بما كان أَرانيهِ من الجمع بين معنى الآية والبيت، وهو مُعتاصٌ مُتأَبٍّ، وضَنِينٌ به غير مُعطٍ». (٣)

وقال الراغب الأصفهاني: «قوله تعالى: {{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩)} [آل عمران: ١٨٩]} (٤) أتبع تكذيبهم فيما قالوا: إن الله فقير، وتبكيتهم فيما فعلوه، وما وعدهم به من العذاب بما


(١) انظر: شرح ثعلب للديوان برواية ابن الأنباري ٦١.
(٢) نُسب لأبي حية النميري كما في الحيوان ٦/ ٤٨٣، ، ونُسب لابن أحْمر الباهلي في الموشح ١١٨ وخزانة الأدب ٩/ ٣٥٩، ولعبدٍ من عبيد بَجيلة في الأمالي ٢/ ١٦، وسِمْط اللآلي ٧٨٥.
(٣) الخصائص ١/ ٢٠٧.
(٤) آل عمران ١٨٩.

<<  <   >  >>