للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما القرطبي فقد بلغت شواهد الشعر التي احتجَّ بِها لتوجيهِ القراءات وتصحيحها أربعمائة وثلاثين شاهدًا شعريًا (١)، معظمها منقولةٌ عن كتب التفسيرِ المتقدمةِ، وكتب النحو، والاحتجاج للقراءات، ولم يأت القرطبي بشواهد جديدة لم يسبق إليها في اللغة والنحو، غير أَنَّهُ أَحسنَ ترتيبها، والاستفادة منها، حتى غدا تفسيره مرجعًا شاملًا لتوجيه القراءات المتواترة والشاذة، مؤيدة بشواهد الشعر التي ذكرها المتقدمون في الاحتجاج لهذه القراءات. وفيما يأتي أمثلة لأثر الشاهد الشعري في توجيه القراءات في كتب التفسير، واستعانة العلماء به في التوجيه اللغوي والنحوي لمعاني القراءات.

أثر الشاهد الشعري في توجيه القراءات من حيث اللغة.

المقصود بتوجيه القراءات من حيث اللغة بيان المعنى اللغوي لوجه القراءة، سواء كان هذا الاحتجاج لقراءة متواترة من السبع أو العشر، أو كان لقراءة شاذة مما زاد على هذه العشر، ولم تتوافر فيه شروط التواتر المحفوظة، ومن تلك الأمثلة:

أولًا: أثر الشاهد الشعري في تصحيح القراءة المتواترة لغةً.

١ - قال الطبري عند توجيه القراءات في كلمة {الْمَيْتَةَ} من قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} (٢): «وأَمَّا {الْمَيْتَةَ} فإِنَّ القَرأةَ مُختلفةٌ في قراءتها، فقرأها بعضهم بالتخفيف (٣)، ومعناه فيها التشديدُ، ولكنَّهُ يُخفِّفُها كما يُخفِّفُ القائلون: هُوَ هَيْنٌ لَيْنٌ، الهَيِّن اللَّيِّنُ،


= والدراسات النحوية في تفسير ابن عطية كلاهما للدكتور ياسين جاسم المحيمد. ط. دار إحياء التراث العربي- بيروت ط. الأولى ١٤٢٢ هـ.
(١) انظر: الشواهد الشعرية في تفسير القرطبي للدكتور عبد العال سالم مكرم ٢/ القسم الثالث ٣ - ٢٤٥.
(٢) البقرة ١٧٣.
(٣) هي قراءة أبي جعفر المدني. انظر: اتحاف فضلاء البشر ١/ ٩٢.

<<  <   >  >>