للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الأهلِ، ومنه قولك للرجلِ إذا نَحَّيتَهُ وأقصيتَه: اغْرُب عَنّي، أَي: ابعد، ومن هذا قولهم: نَوىً غَرْبَةٌ، أي بعيدةٌ ... وكل هذا مأخوذ بعضه من بعض، وإنما يختلف في المصادر». (١) وليس للفظةِ «غَرَبَ» قياسٌ واحدٌ تدلُّ عليهِ مشتقاتها، وإنما هي عبارات متفاوتة المعنى، ولذلك قال ابن فارس فيه: «الغَين والراء والباء أصلٌ صحيحٌ، وكلمُهُ غيرُ مُنقاسةٍ، لكنَّها مُتجانسةٌ، فلذلك كتبناه على جهته مِنْ غير طلبٍ لِقياسِهِ». (٢) غير أن المعاجم لا تكاد تختلف في المقصود بالغريب من الكلام كما تقدم. (٣)

[ب- دلالة الغريب]

ألفاظ القرآن الكريم ليست على درجة واحدة من حيث وضوح المعنى وغموضه، قال أبوحيان: «لغاتُ القرآن العزيز على قسمين:

- قسمٍ يكادُ يشترك في فَهْمِ معناهُ عامَّةُ المستعربة وخاصتهم، كمدلول السماء والأرض، وفوق وتحت.

- وقسمٍ يَختصُّ بمعرفته مَنْ له اطلاعٌ وتبحرٌ في اللغة العربية، وهو الذي صنَّفَ أكثرُ الناس فيه، وسَمَّوهُ غريبَ القرآن». (٤)

والتعريف المختار لغريب القرآن هو الألفاظِ الغامضة في القرآن لقلةِ استعمالِها عند قومٍ مُعينين في حقبةٍ مُحددةٍ من الزَّمنِ. (٥)

وكتب غريب القرآن لم تقتصر على اللفظة الغامضة البعيدة عن الفهم، وإنما تجاوزتها فذكرت مُعظَم الألفاظ التي وردت في القرآن،


(١) غريب الحديث للخطابي ١٢.
(٢) مقاييس اللغة ٤/ ٤٢٠.
(٣) انظر: المحكم ٥/ ٢٩٩، أساس البلاغة ٢/ ١٥٩، تاج العروس ١/ ٤١١، المعجم الوسيط ٢/ ٦٥٣.
(٤) تحفة الأريب ٢٧.
(٥) انظر: تفسير غريب القرآن لزيد بن علي، مقدمة المحقق ١٠، دراسة لغوية في أراجيز رؤبة والعجاج ١/ ٧٠ - ٨٩.

<<  <   >  >>