للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربما ذكر بعضُهم ألفاظًا لم ترد في القرآن. (١) ولعل إطلاق مصطلح الغريب على هذه الألفاظ التي يختلف سبب غرابتها كان بسبب بدء تدوين العلوم، والتفنن فيه، وخاصة في اللغة وعلوم القرآن، فكلما ظهرت لفظة لا يستعملها عامة الناس في آية أو حديث لأي سبب من الأسباب كأن يقتصر استعمال هذه اللفظة على جماعة من العرب لم يكن هذا المؤلف منهم فإنه يطلق عليه كلمة غريب، وبمواصلته البحث يجد له مثالًا في الشعر يؤكد عروبته، وكثرة شواهد الشعر التي تدل على معنى الغريب تدل على عدم الغرابة. وهكذا حتى تكونت هذه المصنفات المتعددة في غريب القرآن والحديث (٢).

وذكر الزركشيُّ أن معرفة غريب القرآن هي معرفةُ المَدلولِ (٣) أي مدلول الألفاظ دون تخصيصِ الغامضِ منها، وهذا ما صنعهُ المتأخرونَ في تصانيفهم، فلم تقتصر كتب غريب القرآن على اللفظة الغريبة دون غَيْرِها، بل توسع المؤلفون في بيان المفردات التي ليست من الغَريبِ، مستشهدين على ذلك بشواهد الشعر والنثر، وربما توسعوا فتكلموا عن أساليب القرآن، وأكثر هذه الأساليب في كتب الغريب أسلوب التقديم والتأخير. (٤)

وللغرابةِ سببٌ لا بُدَّ من مراعاتهِ عند تعريف غريب القرآنِ، وقد أشارَ إلى ذلك الخطابيُّ عندما ذكر أَنَّ الغريب من الكلام تكون غرابته لأحد سببين:


(١) انظر: أغفل الأصفهاني في المفردات المواد التالية: زَبَنَ، غَوَطَ، قَرَشَ، كَلَحَ، هَلعَ، لَجَأَ، سَرْدَقَ، حَصَبَ، سَفَحَ، نَضَخَ، قَدوَ، مع ورودها في القرآن. انظر: عمدة الحفاظ للسمين الحلبي ١/ ٣٨ - ٣٩.
(٢) انظر: دراسة لغوية في أراجيز رؤبة والعجاج ١/ ٧٧ - ٧٨.
(٣) انظر: البرهان في علوم القرآن ١/ ٣٨٨.
(٤) انظر: المفردات للأصفهاني ٢٦ من المقدمة، دراسة لغوية في أراجيز رؤبة والعجاج ١/ ٧٧.

<<  <   >  >>