للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلاء رحمه الله بوضعه، وإضافته لقصيدة الأعشى (١).

الثالث: شعرٌ مُخْتَلَفٌ فيه بين العلماء والرواة منذ الصدر الأول للرواية، حتى قال ابن سلام: «وقد اختلف العلماء بعدُ في بعض الشعر، كما اختلفت في سائر الأشياء فأما ما اتفقوا عليه فليس لأحد أن يخرج منه» (٢). وهذا الضرب قد يبدو كثيرًا، غير أن الدراسات المتأنية قد أثبتت أنه ضئيل جدًا إذا ما قورن بما وثقه العلماء الأثبات، والرواة العدول، وقدكان للاختلاف بين العلماء أثر كبير في تضخيم هذا الضرب، وكثرة الدراسات حوله، ويمكن فهم مثل هذا الاختلاف إذا عُلِمَ أن الرواة لم ينهلوا من مصدر معيَّن وحيد، بل لكل راوية مصادر متعددة، فضلًا عن اختلاف المناهج التي تجعل المقبول عند راوية مرفوضًا بعينه عند راوية آخر، ناهيك عن النزاعات المذهبية التي وسعت دائرة هذا الضرب حتى أصبح كل فريق يرمي الآخر بالصنعة والوضع، انتصارًا للرأي، ورميًا للطرف الآخر بالانتحال. وقد اجتهد بعض الباحثين في جمع كل ما رمي بالوضع أو الانتحال في الشعر فلم يظفر إلا بعد قليل من الأبيات، ولم يَسْلَم له أكثرها (٣).

[التشكيك في الشعر الجاهلي بين القدماء والمعاصرين]

شكك بعض العلماء المتقدمين في بعض الأبيات والمقطعات الشعرية، ورموها بالوضع والصنعة، وانتقدوا عددًا من الرواة الذين عرفوا بالكذب في رواية الشعر، وكانوا يرمون من وراء ذلك إلى تنقية الشعر الجاهلي مما شابه من الكذب، والحرص على سلامته، والحرص قبل ذلك على لغة العرب التي هي لغة القرآن الكريم، وكان ذلك دليلًا على


(١) مجاز القرآن ١/ ٢٩٣، وانظر: انظر: ديوان الأعشى ١٥٠.
(٢) طبقات فحول الشعراء ١/ ٤.
(٣) انظر: الشعر المنحول للدكتور فضل العماري، ط. مكتبة التوبة.

<<  <   >  >>