للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك أشعار وضعت على ألسنة الحيوانات (١)، وأشعار سبب نحلها العصبية القبلية، ورغبة أفراد القبيلة في رفع شأن عشيرتهم، فيذكرون من الأمجاد والوقائع ما ليس لهم (٢).

والذي يعني البحث أن هذا الضرب من الشعر ساقط لا يُحْتَجُّ ولا يُستشهد به على ألفاظ القرآن ولا تفسير آياته، ولذلك يقول ابن سلام: «وفي الشعر مصنوع مفتعل موضوع كثير لا خير فيه، ولا حجة في عربيته ... وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب، لم يأخذوه عن أهل البادية، ولم يعرضوه على العلماء، وليس لأحد - إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شيء منه - أن يقبل من صَحِيفَةٍ، ولا يروي عن صَحَفي» (٣).

وهذا القسم قد مَحَّصه العلماء، وأسقطوه من المصنفات منذ العصور المتقدمة، ومن ذلك أن ابن هشام (ت ٢١٨ هـ) قد أخذ على عاتقه مهمة تنقية سيرة ابن إسحاق مما شابها، فتعقب ابن إسحاق ونقد الشعر الذي أورده، وبيَّنَ الفاسدَ الموضوعَ وأسقطه، وأوضح نقد العلماء له، وذكر الروايات الصحيحة (٤).

ولم يكن لهذا الضرب من الشعر تأثير في شواهد التفسير، بحيث يُشكِّلُ عِلَّةً قادحةً تُعَلُّ بِها قضية الاستشهاد بالشعر، وذلك لندرته في كتب التفسير، ومن أمثلته النادرة ما أورده المفسرون في مواضع متفرقة من تفاسيرهم، وهو قول الشاعر:

فَأَنْكَرتني ومَا كانَ الذي نَكِرَتْ ... مِن الحوادثِ إِلَّا الشَّيبَ والصَّلعَا

فقد استشهد به المفسرون (٥)، في حين قد اعترف أبو عمرو بن


(١) انظر: الكامل ٢/ ٧٣١.
(٢) انظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ٤٦.
(٣) المصدر السابق ١/ ٤.
(٤) انظر: السيرة النبوية ١/ ٤.
(٥) مجاز القرآن ١/ ٢٩٣، تفسير الطبري (هجر) ١٢/ ٤٧٢، ٢٣/ ٥٩٥.

<<  <   >  >>