للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤيدُ قولَ ابن عطية في فهمه لبيت حسان قولُ ابن الأنباري (ت ٣٢٨) في معنى بيت حسان: «فالجَفَناتُ ههنا معناها الكثرةُ؛ لأنه لم يُرِدْ أنَّ لنا جفناتٍ قليلةً، لأنه لو أراد ذلك لم يكن مبالغًا في المدح» (١).

رابعًا: الشرح البلاغي.

من أنواع شروح الشاهد الشعري عند المفسرين الشرح البلاغي للشعر، وذلك إذا ورد في سياق بيان بلاغة الآيات المفسرة، وتضمنها لصورة بلاغية. فيأتي المفسر بشواهد من الشعر تؤيد ما ذهب إليه في تفسير الآية، ويشرحها شرحًا يوضح بلاغتها.

وقد تعرض المفسرون لكثير من الفنون البلاغية في شروحهم للشواهد الشعرية كالاستعارة والتشبيه والكناية ونحوها مما هو مشروح في كتب البلاغة. وقد تفاوت المفسرون في هذا الجانب، فالطبري قد ورد في تفسيره كثير من الشروح البلاغية، غير أنه في التعبير عن الفنون البلاغية لم يلتزم بتسميتها بمسمياتها التي استقر عليها الاصطلاح بعده لتقدمه، وأما الزمخشري فقد غلبت شواهد البلاغة في تفسيره على غيرها لعنايته بالبلاغة في تفسيره، وابن عطية له عناية بذلك مع إقلاله منها، وأما القرطبي فقد نقل معظم شواهد البلاغة وشرح الكثير منها بمثل ما شرحه المتقدمون من أهل التفسير والبلاغة على حد سواء. وفيما يلي بعض الأمثلة التي تدل على ما تقدمت الإشارة إليه.

١ - من الأمثلة ما أورده الطبري من الشواهد عند تفسيره لقوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤] (٢) حيث فسرها أولًا بقوله: «يعني بذلك جل ثناؤه: وإن من الحجارة لما يهبط، أي يتردى من رأس الجبل إلى الأرض والسفح، من خوف الله وخشيته». (٣) ثم ذكر


(١) المذكر والمؤنث ١/ ٢٠٣.
(٢) البقرة ٧٤.
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٢٣٩.

<<  <   >  >>