للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أَبْهَم ذكر الشاعر، وذكر موضوع الشاهد حيث قاله حاتم الطائي (يذمُّ رجَلًا)، وهو يصفُ الصعلوكَ، ويَمدحهُ ولا يَذمُّهُ، وظاهر الشاهد مقتطعًا من بقية القصيدة لا يدل على المدح، وإنما يظهر منه الذم، فاختصر ابن قتيبة الغرضَ لعنايته بِمَوضع الشاهد دون بقية القصة في هذا الموضع، وهذا من العيوب التي توقع في سوء فهم الشاهد الشعري في كتب التفسير، وقد سبق بيانه في الباب الأول.

وهذه الإشارات الموجزة إلى موضوع الشعر ومناسبته، توضح معناه، وتعد جزءًا من شرح الشاهد الشعري في كتب معاني القرآن وغريبه وهي الفقرة التالية.

خامسًا: شرحهم للشاهد الشعري:

في مواضع كثيرة تكون ألفاظ الشاهد الشعري في حاجة إلى بيان وشرح، فلا يكتفي المؤلف بإيراد الشاهد الشعري وتجاوزه إلى ما بعده، وإنما يتوقف المؤلف عند معنى الشاهد ويشرح ما غمض فيه من الألفاظ أو المعنى الإجمالي للبيت. ومن أمثلة شرح أصحاب غريب القرآن للشاهد الشعري:

١ - قول أبي عبيدة عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] (١): «التأويل: التفسير، والمرجع: مصيره. قال الأعشى:

على أَنَّها كانت تَأَوَّلُ حُبِّها ... تأَوُّلَ رِبْعيّ السِّقابِ فأَصْحَبا (٢)

قوله: تَأوُّلُ حُبِّها: تفسيرهُ ومرجعهُ، أي إِنَّه كانَ صغيرًا في قلبه، فلم يَزَلْ يَنبُتُ، حتى أَصْحَبَ فصار قديمًا كهذا السقب الصغير، لم يزل يشب حتى أصحب فصار كبيرًا مثل أمه». (٣)


(١) آل عمران ٧.
(٢) انظر: ديوانه ١٦٣.
(٣) مجاز القرآن ١/ ٨٦ - ٨٧.

<<  <   >  >>