للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعذابِ. وليس بين التفسيرين تعارض، فالغرام هو العذاب الملازم، وقد اقتصر الطبري في الموضع الثاني على تفسيره بالعذاب دون تقييده بالملازم، فكان ظاهر هذا ما يشبه أن يكون اختلافًا في شرح الشاهد. وقد فُسِّرَ الغرامُ في اللغة بأنه العذاب الملازم، وأنَّ مادة «غَرِمَ» أصل صحيح يدل على مُلازمةٍ ومُلازَّةٍ (١). وقد سبق أبو عبيدة إلى الاستشهاد بهذا الشاهد وشرحه بأنه بمعنى الهلاك (٢). والعذاب سبب للهلاك.

[أنواع شروح الشاهد الشعري]

يعتمد شرح المفسر للشاهد الشعري على نوع المسألة التي ورد فيها الشاهد الشعري، فإن كانت مسألة لغوية معجمية فإنه يشرح الشاهد الشعري شرحًا معجميًا، وإن كانت مسألأة نحوية فإنه يشرح الشاهد شرحًا نحويًا، وهكذا. وبناء على قسمت أنواع الشروح للشاهد الشعري إلى الأقسام الآتية:

أولًا: الشرح اللغوي.

ومن الأمثلة قول الطبري: «وهو مصدرٌ من قول القائلِ: رابني الشيءُ يُريبني رَيْبًا. ومن ذلك قولُ ساعدةَ بن جؤية الهُذليّ:

فقالوا: تَركنَا القَومَ قَدْ حَصِرُوا بِهِ ... فَلا رَيْبَ أَنْ قد كانَ ثَمَّ لَحِيْمُ (٣)

ويُروى: حَصَرُوا وحَصِرُوا والفتحُ أكثرُ، والكسرُ جائزٌ. يعني بقوله: «حَصَروا بهِ» أطافوا به، ويعني بقوله: «لا ريب فيه» لا شكَّ فيه. وبقوله: «أنْ قد كانَ ثَمَّ لَحِيْمُ» يعني قتيلًا، يقال: قد لَحِمَ إذا قُتِلَ» (٤).

وقال الزمخشري: «وقرأ الأشهب العقيلي (بعد إمةٍ) بكسر الهمزة، والإمة النعمة. قال عدي:


(١) انظر: مقاييس اللغة ٤/ ٤١٩.
(٢) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣٢٦.
(٣) انظر: ديوان الهذليين ١/ ٢٣٢.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>