للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ بعدَ الفَلاحِ والمُلكِ ... والإِمَّةِ وارتْهُمُ هُناكَ القُبورُ (١)

أي: بعد ما أنعم عليه بالنجاة» (٢). والأمثلة على ذلك كثيرة (٣).

ثانيًا: الشرح النحوي.

ومن الأمثلة على ذلك قول الطبري: «وإذ كان ذلك معنى الكلام، فمعلوم أن قوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: ١٨] (٤) يأتيه الرفع من وجهين، والنصب من وجهين:

فأما أحد وجهي الرفع، فعلى الاستئناف، لما فيه من الذم. وقد تفعل العرب ذلك في المدح والذم، فتنصب وترفع، وإن كان خبرًا عن معرفة، كما قال الشاعر:

لا يَبْعُدَنْ قَومي الذينَ هُمُ ... سُمُّ العُدَاةِ وآَفَةُ الجُزْرِ

النَّازِلينَ بِكُلِّ مُعتَرَكٍ ... والطَّيبينَ مَعَاقدَ الأُزُر

فيُروى: النازلون، والنازلين، وكذلك الطيبون والطيبين على ما وصفت من المدح» (٥).

ومن الأمثلة كذلك قول الطبري: « ... فقال بعضهم: إنما أراد الله جل ثناؤه بقوله: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: ٧٤] (٦) الإبهامَ على مَنْ خَاطبهُ، فهو عالمٌ أَيَّ ذلك كانَ ... كما قال أبو الأسود الدؤلي:

أُحِبُّ مُحمَّدًا حُبًّا شَدِيدًا ... وعبَّاسًا وحَمْزةَ والوصِيَّا

فإِنْ يَكُ حُبُّهُم رُشْدًا أُصِبْهُ ... ولستُ بِمُخطيءٍ إِنْ كانَ غَيَّا (٧)

قالوا: ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكًا في أن حب من سمى رشدٌ، ولكنه أبهم على من خاطبه به. وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما


(١) لعدي بن زيد العبادي من قصيدته المشهورة. انظر:
(٢) الكشاف ٢/ ٤٧٥.
(٣) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧.
(٤) البقرة ١٨.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ٣٢٩.
(٦) البقرة ٧٤.
(٧) انظر: ديوانه ١٥٢.

<<  <   >  >>