للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال هذه الأبيات قيل له: شككتَ؟ فقال: كلاَّ والله! ثُمَّ انتزَعَ بقول الله عَزَّوَجَلَّ: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٢٤] (١) فقال: أَوَ كانَ شاكًّا مَنْ أخبرَ بِهذا في الهَادي من الضلال؟ » (٢).

وقال الطبري: «وأما على قراءة من قرأه: بل ادارك، بكسر اللام وتشديد الدال، فالقول الذي ذكرنا عن مجاهد، وهو أن يكون معنى بل: أم، والعرب تضع أم موضع بل، وموضع بل أم، إذا كان في أول الكلام استفهام، كما قال الشاعر:

فواللهِ ما أدري أَسلمى تَغوَّلَتْ ... أَمِ النومُ أمْ كُلٌّ إليَّ حبيبُ

يعني بذلك: بل كُلٌّ إليَّ حبيب» (٣).

ومن الأمثلة عند ابن عطية قوله تعقيبًا على رواية ابن جني لقول أبي النجم:

قد أَصْبحتْ أُمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي ... عَليَّ ذَنبًا كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ (٤)

برفع «كُلّ». قال: «وهكذا الرواية، وبها يتم المعنى الصحيح؛ لأنه أراد التبرؤ من جميع الذنوب، ولو نصبَ «كُلَّ» لكان ظاهرُ قوله أَنَّه صَنَعَ بعضَه. وهذا هو حذف الضمير من الخبر وهو قبيح. التقدير: يبغونَهُ ولم أَصنعه، وإنما يحذف الضمير كثيرًا من الصلة ... ويحذف أقل من ذلك من الصفة، وحذفه من الخبر قبيح كما جاء في بيت أبي النجم، ويتجه بيته بوجهين:

أحدهما: أنه ليس في صدر قوله ألف استفهام يطلب الفعل كما هي في قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ} [المائدة: ٥٠].

والثاني: أن في البيت عوضًا من الهاء المحذوفة، وذلك حرف


(١) سبأ ٢٤.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٢٣٥ - ٢٣٦.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ١٧/ ٢٥، وانظر تفسير الطبري (شاكر) ١١/ ٢٠٩.
(٤) انظر: ديوانه ١٥٠.

<<  <   >  >>