للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما كانت العرب زمنَ نزول الوحي تفهمُها، وقد تقدم ما صنفه العلماء من تفاسير اشتملت على أكثر مما اشتملت عليه التفاسير المطبوعة التي بين أيدي الناس اليوم من شواهد الشعر.

غير أن هذه الكثرة للشواهد الشعرية لا تعني أَنَّهَا كانت مقصودةً لذاتِها في التفسير، وإِنَّمَا هي وسيلة ضمنَ وسائل يستعين بها المفسر على إيضاح معاني القرآن الكريم وتقريبها، إلا أَنَّها من أهم الوسائل، ولذلك جعل المصنفون في شروط المفسر وآدابه اللغةَ العربيةَ ومعرفتَها شَرطًا من شروط المفسر؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، ونص على ذلك عدد من العلماء (١)، وقد عني بذلك المفسرون في كتب التفسير.

وليست مسائل اللغة والنحو دخيلة على كتب التفسير، غير أنها ليست من صميم مسائله، ولذلك أشار بعض المفسرين في مواضع إلى أنهم عندما يطيلون في المناقشات اللغوية في بعض الآيات فإنَّما يكون ذلك لخدمة معنى الآيات القرآنية وتوضيحها، وليس قصدًا إلى هذه العلوم وشرحها، مع حرصهم على الاختصار وعدم الاسترسال في ذلك، ومن ذلك قول الطبري عندما رأى أنه قد أطال في نقاشاته النحوية في مسألة من تفسيره: «وإِنَّما اعترضنا بِما اعترضنا في ذلك من بَيانِ وجوهِ إعرابه - وإن كان قصدُنا في هذا الكتاب الكشفَ عن تأويلِ آي القرآن - لِمَا في اختلاف وجوهِ إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله، فاضطرتنا الحاجةُ إلى كشفِ وجوه إعرابه، لنكشفَ لطالب تأويلهِ وجوهَ تأويله، على قَدْرِ اختلافِ المُختلفةِ في تأويله وقراءته» (٢). وهذا يعني أنه لم يتعرض للمسائل النحوية واللغوية إلا بمقدار ما يخدمُ بيانَ وإيضاحَ معاني الآيات المفسَّرة.


(١) انظر: البرهان في علوم القرآن ١/ ١٦٠.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٨٤.

<<  <   >  >>