للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذهب إليه القرطبي استنادًا للسَّماعِ عن العرب الذي تشهد له شواهد الشعر، هو الذي اختاره عدد من النحويين كابن السِّيْدِ البَطَلْيُوسي، حيث قال: «وقد وجدنا مع ذلك «آلًا» في الشعر مُضافًا إلى المُضمَرِ ... وقال الكميت:

فأَبْلِغْ بَنِي الهِنْدَيْنِ مِنْ آلِ وائِلٍ ... وآلِ مَنَاةٍ والأَقارِبِ آَلِها

أَلُوكًا تُوافي ابني صَفيَّةَ وانتَجِعْ ... سَواحِلَ دُعمِيٍّ بِها ورِمَالَها (١)» (٢)

٢ - وقال الطبري وهو يفسر قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨] (٣) وكيف قالَ الله: {وَالنَّصَارَى}، والذي قال ذلك فريقٌ منهم لا جَميعهم: «العَرَبُ قد تُخرِجُ الخَبَرَ، إذا افتخرت مَخرجَ الخَبَرِ عن الجماعةِ، وإِن كان ما افتخرت بهِ مِن فعلِ واحدٍ منهم، فتقولُ: نَحنُ الأجوادُ الكرامُ، وإِنَّما الجوادُ فيهم واحدٌ منهم، وغيرُ المُتكلِّمِ الفاعلُ ذلكَ، كما قال جرير:

نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بِالقَنا ... ومَارَ دَمٌ مِنْ جَارِ بَيْبَةَ ناقِعُ (٤)

فقال: «نَدَسْنا»، وإِنَّما النَّادِسُ رجلٌ من قَومِ جَريرٍ غيرُهُ، فأَخرجَ الخَبَر مَخرجَ الخبر عن جَماعةٍ هو أحدهم، فكذا أَخْبَر الله عَزَّ ذكرهُ عن النَّصارى أَنَّها قالت ذلك، على هذا الوجه إِنْ شاء الله». (٥)

٣ - وقال الزمخشري: «{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} [الفرقان: ٥]} (٦) ... وعن الحَسَنِ: أَنَّهُ قول الله سبحانه يُكذِّبُهم، وإِنَّما يستقيم أَنْ لَو فُتحت الهمزةُ للاستفهام الذي في معنى الإنكار، ووجهه أن يكون نحو قوله:


(١) انظر: ديوان الكميت ١/ ٣٩١.
(٢) شرح أدب الكتاب ١/ ٣٧.
(٣) المائدة ١٨.
(٤) النَّدْسُ: الطَّعنُ، والقين: العبدُ، ومارَ الدمُ: سالَ وجَرَى، والنَّاقعُ: الطري. انظر: ديوانه ٢/ ٩٢٧.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ١٠/ ١٥١.
(٦) الفرقان ٥.

<<  <   >  >>