للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد اكتفاء الطبري بنسبة الشاهد إلى من أنشده من العلماء من نحوي الكوفة وإن لم يصرح باسمه وهو الفراء كما اتضح بالرجوع لكتابه، والفراء قد سَمعه من المفضل الضبي. (١) ومن الأمثلة على ذلك قول الطبري: « ... كما قرأ بعضُ القَرأَةِ: (وَالبَغْي يَّعِظُكُمْ) (٢) تَخِفُّ الياءُ مع الياءِ، وذكر أن الكسائي أنشده:

وَأَشْمَتَّ العِدَاةَ بِنَا فَأَصْخَوا ... لَدَى يَتَبَاشَرُونَ بِمَا لَقِيْنَا (٣)». (٤)

فاكتفى بذكر من أنشد الشاهد وهو الإمام الكسائي.

وقد يكون من أنشد الشاهد عدد من العلماء كأهل الكوفة أو البصرة، فينسبه المفسر إليهم جميعًا. ومن ذلك قول الطبري: «وحكى بعض البصريين (٥)، وبعضُ الكوفيين سَمَاعًا من العرب: «طَافَ يطيفُ»، وطِفْتُ أطِيفُ»، وأنشدوا في ذلك:

أَنَّى أَلَمَّ بكَ الخَيَالُ يَطِيفُ ... وَمَطَافُهُ لكَ ذِكْرَةٌ وشُعُوفُ (٦)». (٧)

ونسبة الشواهد إلى الرواة والعلماء جادة مطروقة عند المفسرين واللغويين، ولم يكن كثير من العلماء يُعنى بنسبة الشعر إلا إلى من أنشده من الرواة والعلماء ولا سيما شعر الجاهلية لبعد العهد بينهم وبين شعراءه. (٨)


(١) قال الفراء: أنشدني المفضلُ: وذكره. انظر: معاني القرآن ٢/ ٣٩٧.
(٢) النحل ٩٠، وقراءة إدغام الياء في الياء هي قراءة أبي عمرو ويعقوب وهما من العشرة. وابن جريرٍ يشير إلى كلام الفراء كما في معاني القرآن ٢/ ٢٩، وكلام الفراء لا يصرح بحذف الياء الثانية، لكن الشاهد الذي ذكره يدل على أنه أراد هذا، غير أنَّ شاهد الشعر هذا لا يصلح نظيرًا للآية؛ ففي الشاهد ثلاث ياءات: اثنتان مدغمتان أولًا، ثُمَّ الثالثة في أول الفعل، وفي الآية ياءان، وتكرار ثلاث يقتضي الحذف، غير أن تكرار اثنتين يقتضي الإدغام. انظر: النشر ١/ ٢٨٤.
(٣) لم أعثر على قائله.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ١٥/ ٤٩٤.
(٥) هو أبو عبيدة كما في مجاز القرآن ١/ ٢٣٧.
(٦) لكعب بن زهير كما في ديوانه ١١٣.
(٧) تفسير الطبري (شاكر) ١٣/ ٣٣٥.
(٨) انظر: الكشاف ٣/ ٩٣.

<<  <   >  >>