للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - يروي أبو عبيدة مباشرةً عن أبي عمرو بن العلاء (ت ١٥٤ هـ)، فهو أكبر شيوخه، وأوثقهم، وقد لازمه ملازمة طويلة وانتفع بعلمه كثيرًا، وأثنى عليه كما في قوله: «كان أبو عمرو أعلم الناس بالغريب والعربية، وبالقرآن والشعر، وبأيام العرب وأيام الناس ... وكانت كتبه التي كتب عن العرب الفصحاء قد ملأت بيتًا له إلى قريب من السقف ... وكانت عامة أخباره عن أعراب أدركوا الجاهلية ... » (١).

ومن ذلك قول أبي عبيدة: «{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: ١٠٨] (٢) قال أبو عمرو: تذكر وتؤنث، وأنشدنا:

فَلا تَبعَدْ فَكُلُّ فَتى أُنَاسٍ ... سَيُصْبِحُ سَالِكًا تلكَ السَّبيلا (٣)» (٤).

وكما في قوله: «عن أبي عمرو بن العلاء، قال كعب بن زهير:

تسعى الوشاةُ جَنَابَيهَا وقيلَهمُ: ... إِنَّكَ يَابنَ أَبي سُلْمَى لَمَقْتُولُ (٥)

قال (٦): سمعتُ أبا عمرو بن العلاء يقول: معناها: ويقولون، وكذا كل شيء من هذا المنصوب كان في موضع «فَعْل» أو «يَفْعِل» كقولك: صبرًا ومهلًا وحلًا، أي: اصبر، وامهل، وتحلل» (٧).

ويروي أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء مرسلًا كما في قوله: «كقول كعب:

تسعى الوشاةُ جَنَابَيهَا وقيلَهمُ: ... إِنَّكَ يَابنَ أَبي سُلْمَى لَمَقْتُولُ (٤)

يقولون عن أبي عمرو: وقيلهم منصوب لأنه في موضع: ويقولون» (٨). وقد تأثر أبو عبيدة بشيخه أبي عمرو في منهجه وسعة علمه، وفي منهجه في تفسير القرآن الكريم. ومن أدلة ذلك ما يروي


(١) البيان والتبيين ١/ ٣٢١، وأبو عبيدة لنهاد الموسى ١٢٥.
(٢) يوسف ١٠٨.
(٣) لم أعثر عليه.
(٤) مجاز القرآن ١/ ٣١٩.
(٥) انظر: ديوانه ٨٩.
(٦) القائل أبو عبيدة.
(٧) مجاز القرآن ١/ ١٢٢ - ١٢٣.
(٨) المصدر السابق ١/ ٢٧٣.

<<  <   >  >>