للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المازني عن أبي عبيدة أنه قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقرأُ: {قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: ٧٧]، وأَنَّهُ سأَل أبا عمرو عن وجه هذه القراءة فقال: هي لغة فصيحة ... واستشهد لها بقولِ المُمَزَّقِ العبديِّ (١):

وقَدْ تَخِذَتْ رِجْلِي إِلى جَنْبِ غَرْزِهَا ... نَسِيْفًا كَأُفْحُوصِ القَطَاةِ المُطَرَّقِ (٢)

ومن أدلة تأثره بشيخه ما يرويه عند تفسيره لقوله تعالى: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر: ٥٤] (٣) حيث قال: قوم يكسرون النونَ، وكان أبو عمرو يَفتحها. ثم أورد احتجاج أبي عمرو لقراءته بشواهد من الشعر، وتخريجها تخريج النحويين (٤). وقد أخذ عنه القرآن والشعر حتى أنفد ما عنده أو كاد، وهو شيخ أبي عبيدة الأول.

٢ - كما يروي أبو عبيدة عن بعض قبائل العرب بصيغة مبهمة، كما في قوله: «سَمعتُ مَنْ ينشد بيت خِرْنِق بنت هِفَّان، من بني سعد بن ضُبَيعةَ رهط الأعشى:

لا يَبْعُدنْ قومي الذين هُمُ ... سُمُّ العُداةِ وآَفةُ الجُزْرِ

النَّازلينَ بكلِّ مُعتركٍ ... والطيبيَّنَ معاقدَ الأُزْرِ (٥)

فيخرجون البيت الثاني من الرفع إلى النصب، ومنهم من يرفعه على موالاة أوله في موضع الرفع» (٦).

٣ - يقول أبو عبيدة: «وأنشدني أبو عمرو الهذلي (٧) لساعدة بن


(١) هو شأس بن نهار بن الأسود العبدي، شاعر جاهلي قديم، عده ابن سلام من طبقة شعراء البحرين. انظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ٢٧٤، الشعر والشعراء ١/ ٢٠٥.
(٢) انظر: مجالس العلماء للزجاجي ٣٣٣.
(٣) الحجر ٥٤.
(٤) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣٥٢، ١/ ١٥٢، ٢٨٧، أخبار النحويين البصريين ٢٢.
(٥) انظر: ديوانها ٢٩.
(٦) مجاز القرآن ١/ ٦٥.
(٧) هو أبو عمرو الهذلي، أحد الأعراب الذين سمع منهم أبو عبيدة، وقد سمعه يقول في كلامه: «أكلوني البراغيث». وهي مسألة مشهورة عند النحويين. انظر: مجاز القرآن ١/ ١٠١، ٢/ ٢٣.

<<  <   >  >>