للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أنَّ أبا عُبيدة ذهب إلى أَنَّ {مَوْبِقًا} بِمعنى: المَوعِد (١)، وقد حكاه الطبري على وجه التضعيف له فقال: «وكان بعضُ أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: المَوبِقُ: المَوعِدُ، ويستشهدُ لقيلهِ ذلك بقول الشاعر (٢):

وحادَ شَرورَى فالسِّتَارَ فلَمْ يَدَعْ ... تِعارًا لَهُ والوادِيَيْنِ بِمَوبِقِ (٣)

ويتأَولهُ: بِموعد» (٤). وقال ابن عطية عن قول أبي عبيدة: «وعَبَّرَ بعضهم عن المَوبِقِ بالمَوعِدِ، وهذا ضعيف» (٥).

فقد ورد تفسير المفسرين للفظةِ بِخلافِ ما ذهبَ إليهِ أبو عُبيدةَ، فلعل أبا عبيدة قد جاء بشاهدٍ من الشعرِ ليستشهدَ بهِ على هذا المعنى، لعلمهِ بغرابته، غير أن أبا عبيدة قد انفرد بهذه الرواية للبيت، كما انفرد بهذا التفسير للآية فلم يقبل المفسرون قوله.

٢ - ورد في قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: ٩٧] (٦) قراءات، فقرأ أبو جعفر من العشرة: {لَنَحْرُقَنَّهُ} (٧)، وقيل في تفسيرها: إِنَّها مِن البَرْدِ بالمَبَارِد. قال الطبري: «لنَحْرُقَنَّهُ بفتح النونِ وضمِّ الراء بمعنى لَنَبْرُدَنَّهُ بالمَبَارِدِ، مِنْ حَرَقْتُهُ أَحْرُقُهُ وأَحْرِقُهُ، كما قال الشاعر (٨):


(١) انظر: مجاز القرآن ١/ ٤٠٦.
(٢) هو خفاف بن نُدْبَة السُّلَمي.
(٣) رواية الديوان:
فَجادَ شَرُورَى فالسِّتَارَ فأصبحتْ ... تَعارُ له فالواديانِ بِمَودقِ
وشَرورى، والستار، ويعار: مواضع في بلاد بني سُلَيم. والمَوْدِقُ: مكانُ الوَدْقِ وهو المَطَرُ. انظر: ديوانه ٧٧، الأصمعيات ٢٦
(٤) تفسير الطبري (هجر) ١٥/ ٢٩٨.
(٥) المحرر الوجيز ١٠/ ٤١٥.
(٦) طه ٩٧.
(٧) هي رواية ابن وردان عنه، وقراءة علي بن أبي طالب والأعمش. انظر: النشر ٢/ ٢٤١، إتحاف فضلاء البشر ١/ ١٨٨.
(٨) هو عامر بن شقيق الضبي.

<<  <   >  >>