للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُخالطين للهندِ والفُرسِ، ولا من أَزْدِ عُمان (١)؛ لِمُخالطتهم للهندِ والفُرسِ، ولا من أهل اليمن أصلًا؛ لمخالطتهم للهند والحبشة، ولولادة الحبشة فيهم، ولا من بَني حنيفة (٢) وسُكَّانِ اليمامةِ، ولا من ثَقيفَ (٣) وسكانِ الطائف؛ لمخالطتهم تُجَّار الأمم المقيمين عندهم، ولا من حاضرةِ الحجازِ (٤)؛

لأنَّ الذين نقلوا اللغةَ صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغةَ العرب قد خالطوا غيرَهُم من الأُممِ، وفَسَدَتْ ألسنتُهُم» (٥).

ويقول أيضًا: «فتعلموا لغتهم والفصيح منها، من سكان البراري منهم دون أهل الحضر، ثم من سكان البراري من كان في أوسط بلادهم، ومن أشدهم توحشًا وجفاءً، وأبعدهم إذعانًا وانقيادًا، وهم قيسُ، وتَميمُ، وأَسَدُ، وطيء، ثُمَّ هُذيل» (٦).

كلُّ هذه النقول تدل على أَنَّ العلماء كانوا يَحرصون على الأخذ عن الشعراء الذين ينتمون إلى البادية، ويُضعِّفونَ ما عداهم، ولا يلجأون إلى الأخذ عن غيرهم إلا في أضيق الحدود. وهذا المعيارُ قد جعل العلماءَ يذهبون إلى أنه يُحتج بشعر الفصحاء من شعراء الحضر الجاهليين


(١) الأزد من أكبر قبائل العرب، وأزد عمان أحد بطون الأزد، وهي قبيلة قحطانية تنتسب للأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان، واستقر أزد عمان بعمان بعد تفرقهم وانهيار سد مأرب فنسبوا له، انظر: معجم قبائل العرب ١/ ١٥ - ١٨.
(٢) بنو حنيفة ينتسبوت لحنيفة بن لجيم بن بن صعب بن علي بن بكر بن وائل من العدنانية، وتتفرع لبطون كثيرة، وهي قبيلة محاربة، مساكنها في أوائل الإسلام أدنى بلاد الشام إلى الشيح والقيصوم، واثال من أرض اليمامة، وقد حاربهم أبو بكر في حروب الردة. انظر: صفة جزيرة العرب ١٦١، صبح الأعشى ١/ ٣٣٩.
(٣) قبيلة تنتسب لثقيف بن منبه، وهم بطن متسع من هوازن العدنانية، وهم بطون كثيرة، مواطنهم بالطائف، وحاربهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين في السنة. انظر: معجم قبائل العرب.
(٤) هي قريش.
(٥) الحروف للفارابي ١٤٧، وانظر: الاقتراح ٤٤ - ٤٥، والمزهر ١/ ٢١١ - ٢١٢.
(٦) الحروف للفارابي ١٤٧، مقدمة ابن خلدون ٥٠٩.

<<  <   >  >>