للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصيحٍ، وقد روي عن أهل الحجاز بيت من الشعر يؤيد قراءة من قرأ بما ذكرت من قراءة أهل الشام، ورأيت رواة الشعر وأهل العلم بالعربية من أهل العراق ينكرونه، وذلك قول قائلهم ... ». (١) ثم ذكره. ورد الطبري للشاهد الشعري لعدم معرفة أهل العلم به، جاء هنا تبعًا لتضعيف القراءة، وقد رد العلماء مسلك الطبري هذا في رد القراءة، والشاهدُ هنا رَدُّهُ الشاهدَ لا ردهُ القراءةَ.

ولذلك أكَّدَ المفسرون على أن القرآن الكريم لا يُحملُ على شواذ الشواهد الشعرية، وأشار الطبري في غير موضعٍ من تفسيره إلى أن: «كتاب الله جل ثناؤه نزل بأفصح لغات العرب، وغير جائز توجيه شيء منه إلى الشاذ من لغاتها، وله في الأفصح الأشهر معنى مفهوم، ووجه معروف». (٢) كما بين أبو حيان أن كتاب الله: «ينبغي أن يُحملَ على أَحسنِ إعرابٍ، وأحسنِ تركيبٍ؛ إذ كلام الله تعالى أفصحُ الكلامِ، فلا يَجوزُ فيه ما يُجوِّزهُ النحاةُ في شعر الشمَّاخِ والطرمَّاحِ وغيرهما من سُلوكِ التقادير البعيدةِ، والمَجازاتِ المعقَّدةِ». (٣)

ولذلك كان من شروط قبول الشاهد الشعري في التفسير أن يكون شائعًا ذائعًا، قال الطوسي: «ومتى كان التأويلُ يَحتاجُ إلى شاهدٍ من اللغة فلا يُقبلُ من الشاهد إلا ما كان معلومًا بين أهلِ اللغةِ، شائعًا بينهم، وأما طريقة الآحاد من الروايات الشاردة، والألفاظ النادرة، فإنه لا يُقطعُ بذلك، ولا يُجعلُ شاهدًا على كتاب الله». (٤)

وقد طبَّقَ المفسرونَ هذا الشرطَ في شواهدهم، فلا تكاد تظفر بشاهدٍ شاذٍّ في اللغة والنحو قَبِلَه المفسرون واعتمدوا عليه، وإن وجدته


(١) تفسير الطبري (شاكر) ١٢/ ١٣٧ - ١٣٨.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ١٢/ ٣١١.
(٣) البحر المحيط ١/ ٣.
(٤) التبيان في تفسير القرآن ١/ ٧.

<<  <   >  >>