للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَولًا: بَيانُ أَسبابِ النُّزولِ.

وذلك أن ينص المفسر أن الآية قد نزلت في كذا، ومما قيل في ذلك من الشعر كذا. ومن أمثلة ذلك:

١ - ذكر الطبري عند تفسير قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥)} [الحشر: ٥] (١) قصة قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - لنخيل بني النضير، فقال: «عن ابن عمر، قال: قطع رسول الله نخل بني النضير، وفي ذلك نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} الآية، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:

وهَانَ على سَراةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بالبُوَيرةِ مُستطِيْرُ (٢)». (٣)

والبُوَيْرَة، تصغيرُ بُورة: موضعٌ كان به نَخْلٌ لِبَنِي النَّضِيرِ، وهو من منازِلِ اليَهُودِ. (٤) والشعر في هذه المناسبات يعد تأكيدًا للحوادث، وتصديقًا للروايات، فالشعر سجل حافل بروايات التاريخ.

٢ - عند تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩] (٥)، أورد الطبري سبب نزول هذه الآية فقال: «جَلس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلسٍ فيه عبد الله بن رواحة، وعبد الله بن أُبيِّ بن سَلول، فلمَّا ذهب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال عبد الله بنُ أُبيِّ بن سلول: لقد آذانا بَولُ حِمَارهِ، وسَدَّ علينا الرَّوْحَ، وكان بينه وبين ابنِ رواحةَ شيءٌ، حتى خَرجوا بالسِّلاحِ، فأتى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فحَجَزَ بينهم، فلذلك يقول عبد الله بن أبي:

متى ما يَكُنْ مَولاكَ خَصمُكَ جاهدًا ... تُظَلَّمْ ويَصْرعكَ الذينَ تُصارِعُ (٦)


(١) الحشر ٥.
(٢) انظر: ديوانه ٢٥٣.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ٢٢/ ٥١١ وقد خرجه المحققون فقالوا: «أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٦٤٢)، ومسلم (١٧٤٦)، والبيهقي ٩/ ٨٣ وفي دلائل النبوة ٣/ ١٨٤.
(٤) انظر: تاج العروس ١/ ٤٦٢ (بور).
(٥) الحجرات ٩.
(٦) انظر: السيرة النبوية ١/ ٥٨٧.

<<  <   >  >>