للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلِفًا، أَنَّ مِن العَرَبِ مَنْ يَمُدُّ بين الهمزتين المفتوحتين من كلمةٍ فأُجريَ ما كانت الأولى فيه مفتوحةً والثانية مكسورةً مَجراهما. (١) قال الشاعر (٢):

أَيَا ظَبْيَةَ الوَعْساءِ بَيْنَ جُلاجِلٍ ... وبَيْنَ النَّقا آأنْتِ أَمْ أُمُّ سالِمِ (٣)

وقال الآخر ... » (٤). ثم ذكر بيتَ ذي الرمة الذي ذكره ابن خالويه قبلُ، مِمَّا يدل على اعتمادِ علماءِ القراءات على الشاهد الشعريِّ في التوجيه والاحتجاج للقراءات، وتصحيح ذلك بشواهد الشعر التي تنفي الشبهة عن القراءات، وموافقتها للغة العرب.

غَيْرَ أَنَّ القرطبيَّ يذكرُ قراءةَ أهلِ المدينة وأَبي عمرو والأعمش وعبد الله بن أبي إسحاق لهذه الكلمةِ، وأَنَّهم يقرأَونَها {أانذَرْتَهُم} بتحقيق الهمزةِ الأولى وتسهيلِ الثانيةِ، وأَنَّ هذهِ لغةُ قريشٍ، وسعدِ بن بكرٍ، وقد اختارها الخليل وسيبويه. (٥) ثُمَّ يستشهدُ لِهذهِ القراءةِ بالشاهدينِ السابقين لذي الرمة، اللذين استشهد بهما ابنُ خالويه وغيره على قراءةِ ابن عامر وهي قراءة «مَنْ هَمَزَ هَمزتينِ وداخلَ بينهما أَلِفًا».

وسيبويه قد استشهد بِالشاهد الثاني منهما على «إِنَّ من العربِ ناسٌ يُدخلونَ بين ألف الاستفهامِ وبين الهمزة ألفًا إذا التقتا؛ وذلك أَنَّهم كرهوا التقاءَ هَمزتين ففصلوا، كما قالوا: اخشينان، فَفَصلوا بالألفِ كراهيةَ التقاء هذه الحروف المضاعفة». (٦) وليس على ما ذكره القرطبيُّ، فالشاهدان يشهدان للغة مَنْ يُدخِلُ بَيْنَ الهمزتينِ أَلفًا، لا للغة من يُسهِّلُ الهمزةَ الثانية (٧)، وهذا يدل على أن هناك من المفسرين من قد يقع منه


(١) انظر: الكتاب ٣/ ٥٥١، المقتضب ١/ ١٦٢ - ١٦٣.
(٢) هو ذو الرمة. .
(٣) انظر: ديوانه ٢/ ٧٦٧، أمالي القالي ٢/ ٥٨.
(٤) الروضة في القراءات الإحدى عشرة ١/ ٢٠١.
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن ١/ ١٨٥.
(٦) انظر: الكتاب ٣/ ٥٥١.
(٧) انظر: الحجة للفارسي ١/ ٢٧٩ - ٢٩٠، الدر المصون ١/ ١١٠.

<<  <   >  >>