للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَفسدَ النَّاسَ خُلوفٌ خَلفُوا ... قَطعوا الإِلَّ وإِعرَاقَ الرَّحِمْ (١)

وفسَّرَ الإِلَّ فيه بأَنَّها القَرابة (٢). واعترض ابن عطية على ذلك فقال: «أنشده أبو عبيدة على القرابة وظاهره أنه في العهود». (٣) فالخلاف هنا في دلالة اللفظة في الشاهد على المعنى، واعتراض ابن عطية مبني على فهمه للمفردةِ من خلال سياق البيت، وإن كان بيتُ ابنِ مقبل يَحتملُ الأمرين، وفهم أبي عبيدة غير بعيد، ومعرفته بالشعر أوسع، ولم أجد البيتَ في ديوان الشاعر لأتبيَّنَ ما قبلَهُ وما بعده.

ومثله قول ابن عطية أيضًا: «وقال الطبري: {يُضِلُّونَكُمْ} [آل عمران: ٦٩] ٤) معناه: يُهلكونَكم، واستشهدَ ببيت جرير (٥):

كُنتَ القَذى في مَوجِ أَخضرَ مُزبدٍ ... قَذَفَ الأَتيُّ بهِ فضلَّ ضلالا (٦)

وقول النابغة:

فآبَ مُضلوهُ بِعَينٍ جَليَّةٍ ... البيت (٧)

وهذا تفسيرٌ غيرُ خاصٍ باللفظةِ، وإنَّما اطَّردَ له هذا الضلالُ في الآية، وفي البيتين اقترنَ به هلاكٌ، وأَمَّا أَن تُفسَّرَ لفظةُ الضلالِ بالهلاكِ فَغَيْرُ قَويمٍ» (٨).

واعتراضُ ابنِ عطيَّةَ هنا على تفسير الطبري للضلال بمعنى الهلاك مطلقًا، ولم يعترض على تفسير الضلال في الآية والشاهدين بالهلاك لتوفر القرينة على ذلك. قال في اللسان: «قال أَبو عمرو: وأَصلُ الضَّلالِ


(١) لم أجده في ديوانه.
(٢) لم أجد البيت ولا تفسير أبي عبيدة له في مجاز القرآن.
(٣) المحرر الوجيز ٨/ ١٣٧.
(٤) آل عمران ٦٩.
(٥) البيت للأخطل وليس لجرير، والطبري نسبه للأخطل. انظر: تفسير الطبري (هجر) ٥/ ٤٩٠.
(٦) رواية الديوان والطبري: «في موج أكدر». انظر: ديوان الأخطل ٢٥٢.
(٧) انظر: ديوان النابغة الذبياني ١١٩.
(٨) المحرر الوجيز ٣/ ١٢٠.

<<  <   >  >>