للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشِّهابَ إذا أريد به أنه غيرُ القَبَسِ، فالقراءة فيه بالإضافة؛ لأَنَّ معنى الكلام حينئذ، ما بَيَّنَا من أنه شُعلَةُ قَبَسٍ، كما قال الشاعر (١):

في كفهِ صَعدةٌ مُثقفَةٌ ... فيها سِنَانٌ كَشُعلةِ القَبَسِ (٢)

وإذا أريد بالشهاب أنه هو القَبَسُ، أو أنه نعتٌ له، فالصواب في الشهابِ التنوينُ؛ لأنَّ الصحيح في كلام العرب تركُ إضافةِ الاسم إلى نعته، وإلى نفسه، بل الإضافات في كلامها المعروفةُ إضافةُ الشيء إلى غير نفسه وغير نعته» (٣). وهذه مسألة نحوية.

ويقول الطبري: «ومعنى قولهم: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: ٢٥٩] (٤) لم تأت عليه السنون فيتغير، على لغة من قال: أَسْنَهْتُ عندَكُم، أَسْنَهُ، إذا قامَ سَنَةً، كما قال الشاعر (٥):

وليستْ بِسَنْهَاءٍ ولا رُجَّبِيَّةٍ ... ولكنْ عَرايَا في السنينِ الجوائحِ (٦)

فجعل الهاء في السنة أصلًا، وهي اللغةُ الفصحى» (٧).

ومن الأمثلة كذلك قول القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١)} [يس: ٥١] (٨): «أي القبور.

وقُرئ بالفاء: (من الأَجْدَافِ) (٩)، ذكره الزمخشري (١٠). يقال: جَدَثْ


(١) هو أبو زبيد الطائي.
(٢) انظر: ديوانه ١٠٥.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ١٨/ ٩.
(٤) البقرة ٢٥٩.
(٥) هو سويد بن الصامت الأنصاري، ويقال: أحيحة بن الجلاح.
(٦) الأمالي ١/ ٢١، سمط اللآلي ٣٦١.
(٧) تفسير الطبري (شاكر) ٥/ ٤٦١.
(٨) يس ٥١.
(٩) أنكرَ بعضُهم جَمع أجداف، وذكروا أنه لم ينقل عن العرب، وذهب آخرون إلى أن الفاء والثاء تتعاقبان على الموضع الواحد، وذهب السهيلي إلى أنه بالفاء أصلٌ. انظر: البحر المحيط ٧/ ٣٢٥، معجم القراءات للخطيب ٧/ ٤٩٩.
(١٠) انظر: الكشاف ٤/ ٢٠.

<<  <   >  >>