للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهل يكون للأعراب البدو شعر متطور، وليس للمتحضرين شعر؟ ويخلص إلى أن الشعر والنثر المسجوع مشتقان من القرآن وأن الأعمال التي سبقت القرآن يجب أن تكون أقل فنًا لا أكثر.

- وأما العرب فقد كان أول من بحث هذا الموضوع من المعاصرين هو مصطفى صادق الرافعي في كتابه «تاريخ آداب العرب». سنة ١٩١١ م، وقد روى ما قاله القدماء وتابع ابن سلام في آرائه، ووقف بالمسألة عند حدها التاريخي الأدبي ولم يزد على ذلك (١).

ثم جاء بعد ذلك طه حسين، فألف كتابه «في الشعر الجاهلي» سنة ١٩٢٦ م، فأثار ضجة كبيرة لما فيه من آراء جريئة تعرض بعضها للدين والتشكيك في صدق القرآن، فقام بحذف ما أثار عليه العلماء، وزاد فيه شيئًا يسيرًا وأصدره سنة ١٩٢٧ م بعنوان «في الأدب الجاهلي»، وقد أخذ طه حسين أكثر مادته من روايات ابن سلام، واستنتاجات وآراء مرجليوث وغيره من المستشرقين، وتوسع فيها وعمم الأحكام الفردية، واتخذ الأمور الخاصة فصيرها قواعد عامة، حتى خرج بحكم مبالغ متعسف هو صياغة جديدة لآراء مرجليوث، حيث توصل إلى «أن الكثرة مما نسميه أدبًا جاهليًا ليست من الجاهلية في شيء، وإنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام، فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم، أكثر مما تمثل حياة الجاهليين» (٢).

وقد قسم بحثه إلى ثلاثة أقسام: دوافع الشك في الشعر الجاهلي، وأسباب الوضع والنحل، ثم درس فريقًا من الشعراء وشك في نسبة الشعر إليهم.

تحدث في دوافع شكه فقال: إن الشعر الجاهلي لا يمثل الحياة الدينية، والعقلية، والسياسية، والاقتصادية للعرب الجاهليين، وإن هذا


(١) انظر: تاريخ آداب العرب ١/ ١٤٥.
(٢) في الشعر الجاهلي ١٩.

<<  <   >  >>