للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك الزيلعي (١).

سادسًا: استبعاد حصول هذه المسائل بطولها في مجلس واحد، حتى ذهب بعض الباحثين إلى أنه «ليس من المعقول أن يسألَ نافعٌ عن نَحو مائةِ مسألةٍ وخَمسٍ وثَمانينَ كلمةً في مَجلسٍ واحدٍ، ليجيبه ابن عباس بمائة وخَمسةٍ وثَمانين بيتًا من الشعر، تُحفَظُ لِفَورها، ويرويها الحاضرون سماعًا دون نسيان» (٢). مع إنه يمكن أن يستأنس بما ذكره المبرد من قوله: «ويروى من غير وجهٍ أن ابن الأزرق أتى ابن عباس يومًا فجعل يسأله حتى أَمَلَّهُ، فجعل ابن عباس يظهر الضجر ... » (٣). مِمَّا يعني أنه قد أطال في الأسئلة على ابن عباس.

سابعًا: اتَّهَمَ بعض الباحثين هذه القصة بالوضع من أساسها، مستدلًا بذلك على وضع الشعر الجاهلي لأسباب دينية، فقال: «أليس من الممكن أن تكون قصة ابن عباس ونافع بن الأزرق قد وُضعت في تكلفٍ وتصنعٍ لغرضٍ من هذه الأغراض المختلفة التي كانت تدعو إلى وضع الكلام وانتحاله، لإثبات أن ألفاظ القرآن كلها مطابقة للفصيح من لغة العرب، أو لإثبات أن عبد الله بن عباس كان من أقدر الناس على تأويل القرآن وتفسيره ومن أحفظهم لكلام العرب الجاهليين؟ » (٤). غير أَنَّ هذه الاحتمالات لا تكفي للقطع بوضع هذه القصة، فمن المُحْتَمَلِ أن يكون ابنُ عباسٍ مِمَّن كان يقضي جانبًا من وقته في التماس الشواهد على تفسير الغريب من القرآن، حيث رأى الناس مقبلة على هذا النوع من العلم، فيكون جوابه عن مسائل ابن الأزرق نتيجة بحث سابق، وتأمل غير قليل في القرآن الكريم، فلا غرابة أن يجيب ابن عباس نافعًا عقب كل مسألة


(١) انظر: تَخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف ١/ ٣٩٤ عند الحديث رقم ٤١١.
(٢) البيان القرآني لمحمد رجب البيومي ٩٤ - ٩٥.
(٣) الكامل ٣/ ١١٥٢.
(٤) في الشعر الجاهلي لطه حسين ٥١.

<<  <   >  >>