للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلام العرب معنيان .. أحدهما: الاتباع كما يقالُ: تَلَوتُ فلانًا إذا مشيتُ خَلْفَهُ، وتَبِعتُ أَثَرَه، كما قال جل ثناؤه: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠] (١) يعني بذلك: تَتَّبِع.

والآخرُ: القراءةُ والدراسةُ، كما تقول: فلانٌ يتلو القرآن ... » (٢). ثم ذكر شاهدًا من الشعر عن حسان بن ثابت رضي الله عنه. وهذا التحليل للفظة ليس من أسلوب ابن عباس، وطريقته المعروفة، وإنما هو من منهج المتأخرين من العلماء، وهذا الكلام بنصه وشاهده الشعري للطبري (٣)، وهو من كلامه، ولم ينقله عن أحد. وقد تتبعت كثيرًا من المسائل المنسوبة لابن عباس في هذه المطبوعة المنسوبة للطستي، فوجدتها منقولةً من تفسير الطبري بنصها دون إشارة لذلك (٤).

رابعًا: نقل كلامًا لابن عباس ينقل فيه ابن عباس أقوالَ علماءَ متأَخرينَ كَعيسى بنِ عمرَ النَّحويِّ (ت ١٤٩ هـ)، كقوله عندما سأل نافع بن الأزرق عن معنى {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٠٨)} [البقرة: ١٠٨] (٥): «السَّواءُ: القَصْدُ والمَنْهَجُ، وأَصلُ السَّواءِ: الوَسَطُ، ذُكر عن عيسى بن عمر النحوي أنه قال: ما زلت أكتب حتى انقطعَ سَوائِي، يَعْنِي: وَسَطِي. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ... » (٦). ثم أورد شاهدًا لحسان بن ثابت رضي الله عنه. وفَعَلَ مثلَ ذلكَ بنقله لكلام، أبي عمرو بن العلاء


(١) يونس ٣٠، قرأ بالتاء {تَتْلُوا} ابن مسعود، وحَمزةُ، والكسائي، وخلف، والأعمش، وزيد بن علي، وروح عن يعقوب. وقرأ الباقون بالباء {تَبْلُوا} انظر: السبعة ٣٢٥، التيسير ١٢١، النشر ٢/ ٢٨٣.
(٢) مسائل الإمام الطستي ١/ ٤٣.
(٣) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٤١١.
(٤) انظر: مسائل الطستي ١/ ٤٤ - ٤٥ وازنها بما في تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٤٩٥ - ٤٩٦.
(٥) البقرة ١٠٨.
(٦) مسائل الإمام الطستي ١/ ٤٥.

<<  <   >  >>