للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حرص المفسرون على نقل تفاسير التابعين، والأخذ بها، وقد وجدت بعض الأمثلة التي ينقل المفسر فيها تفسير التابعي، ثم يعقبه بشاهد من الشعر يؤيد ما ذهب إليه التابعي.

فمن ذلك قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)} [الصافات: ١٤٢] (١): «والمليمُ الذي أَتى ما يُلامُ عليه، أَلامَ الرجلُ: دَخلَ في اللَّومِ، وبذلك فَسَّرَ مُجاهدُ وابنُ زيدٍ، ومنه قول الشاعر (٢):

وَكَمْ مِنْ مُلِيمٍ لَمْ يُصَبْ بِمَلامَةٍ ... ومُتَّبعٍ بالذَّنبِ لَيسَ بِمُذنبِ (٣)

ومنه قول لبيدِ بن ربيعة:

سَفَهًا عَذلتِ وَلُمْتِ غَيْرَ مُليمِ ... وهداكَ قبلَ اليومِ غَيْرُ حَكيمِ (٤)

وقال ابن عطية كذلك في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: ١٠٠] (٥): والمُرَاغَمُ: المُتَحوَّلُ والمَذهَب، كذا قال ابن عباس والضحاك والربيع وغيرهم، ومنه قول النابغة الجعدي:

كَطَودٍ يُلاذُ بِأَرْكَانِهِ ... عَزِيزِ المُرَاغمِ والمَذْهَبِ (٦)

وقول الآخر:

إِلى بَلَدٍ غَيْرِ دَاني المَحَلِّ ... بَعيدِ المُرَاغَمِ والمُضْطَرَبْ (٧)


(١) الصافات ١٤٢.
(٢) هو الأحوص الأنصاري، ونسبت لجميل بن معمر كما في ديوانه ٣١٧، سمط اللآلي ٢/ ٩٤٧.
(٣) رواية الشطر الثاني: ومُتَّبعٍ بالذَّنْبِ ليسَ لهُ ذنبُ. انظر: ديوانه ٢٦٤، سمط اللآلي ١/ ٧٣.
(٤) رواية الديوان: ... سَفَهًا عَذَلتِ وَقُلتِ غَيرَ مُليمٍ ... وَبُكاكِ قِدمًا غَيرُ جِدِّ حَكيمِ.
انظر: ديوانه ١٠٧، المحرر الوجيز ١٣/ ٢٥٦.
(٥) النساء ١٠٠.
(٦) انظر: ديوانه ١٢٣.
(٧) لم أعرف قائل البيت، وانظر: المحرر الوجيز ٤/ ٢٢٧.

<<  <   >  >>