للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبينه، والتمهيد له بما يدل على قائله بيانًا تامًا أو ناقصًا، وهذا هو القسم الثاني وهو التقدمة المبهمة للشاهد الشعري، وهي أن يُبهمَ المفسرُ ذكرَ الشاعرِ، فلا يُستدَلُّ على القائلِ بعَينهِ، أو قبيلتهِ، أو نحو ذلك مِمَّا يُقَلِّلُ شُيوعَه، فيبقى قائلُ الشاهد مَجهولًا لا يُعرفُ، وهذا شائع في كتب التفسير.

ومن أمثلته قول الطبري: «وأنشدوا في همز الألف ... ». (١)، وقوله: «وقد زعم بعض أهل العربية أن العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين، وأنشد في ذلك ... » (٢) ولم يذكر من هو الشاعر، وكثيرًا ما تَرِدُ في كتب المفسرين والنحويين واللغويين قبل إيرادهم للشاهد الشعري عبارة «وأنشد»، أو «وأنشدوا»، أو «وينشد»، والنشيد هو رفع الصوت بالشِّعْر، وإنشادُ الشِّعرِ: إلقاؤه، وكانت - وما زالت- عادةُ ملقي الشعر أن يرفع صوته عند الإلقاء فَسُمِّيَ منشدًا (٣)، وهي صيغة من صيغ رواية الشعر ... المعروفة (٤).

- ومن التقدمة المبهمة قول المفسر: «كما قال الشاعر» (٥)، وقوله: «وذلك كقولهم» (٦)، و «ومنه قول الشاعر»، و «ويُنشدُ لبعض شعرائهم»، «وقد أنشدني بعضهم سَماعًا من العرب»، ونحو هذه العبارات المبهمة.

- ومن التقدمة المبهمة التي يقدم بها بين يدي الشواهد الشعرية من بَحْرِ الرَّجَزِ قولهم: «قال الراجز» (٧)، والرَّجَزُ نوعٌ من الشعر له وزن


(١) المصدر السابق ٦/ ٢٩٧، ١٣/ ٣٣٥.
(٢) المصدر السابق ١٥/ ١٨٥.
(٣) انظر: لسان العرب ١٤/ ١٣٩ - ١٤٠ (نشد).
(٤) انظر: الشاهد وأصول النحو لخديجة الحديثي ١٤٧.
(٥) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٨/ ٥١٦، تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٢٠ - ٢١، ٣٧، ٤٠.
(٦) تفسير الطبري (شاكر) ١٢/ ٣٣٤.
(٧) المصدر السابق ٢/ ٢٦، ٢٣٣، ١٤/ ٢٠٤، ٢٧٨، ١٥/ ٤٠٩ - ٤١٠، تفسير الطبري (هجر) ١٤/ ١٩١.

<<  <   >  >>