للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظَاهراتُ الجَمَالِ والحُسْنِ يَنْظُرْنَ ... كَمَا تنظرُ الأَرَاكَ الظباءُ (١)» (٢).

فهو قد أورد وجهين، لكل وجه شاهد واحد من الشعر مكتفيًا بالشاهد الواحد، ومقتصرًا عليه في الاستشهاد والاستدلال على المعنى اللغوي.

- الاستشهاد للمشترك اللفظي:

ورُبَّمَا جاءت اللفظةُ مشتركةً من قبيل «المشترك اللفظي»، وهو اللفظ يدل على أكثر من معنى، فيفسرها المفسرُ، ويكتفي في الدلالة على كلِّ معنىً من المعاني بشاهدٍ من الشعر. ومثال ذلك قول القرطبي وهو يفسر معنى الريب في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)} [البقرة: ٢] (٣): «وفي الرَّيْبِ ثلاثةُ مَعَانٍ: أحدها: الشَّكُّ، قال عبد الله بنُ الزِّبَعْرَى:

ليسَ في الحقِّ يا أُمَيمةُ رَيْبُ ... إِنَّمَا الرَّيبُ ما يقولُ الجَهُولُ (٤)

وثانيها: التُّهَمَة، قال جَميل (٥):

بُثَينةُ قالتْ: يا جَميلُ أَرَبْتَنِي ... فقلتُ: كِلانَا يَا بُثَيْنَ مُرِيبُ (٦)

وثالثها: الحاجة، قال (٧):

قَضِينَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وخَيْبَرَ ثُمَّ أَجْمَمْنَا السيوفَا (٨)» (٩).

فقد استشهد القرطبي لكل معنى من معاني الريب بشاهد من الشعر المحتج به، واقتصر في الاستشهاد على الشعر دون غيره من الشواهد. والأمثلة على اكتفاء المفسرين بالشاهد الشعري الواحد كثيرة، مما يدل


(١) انظر: ديوانه ٣٣.
(٢) المحرر الوجيز ٤/ ١٤٠.
(٣) البقرة ٢.
(٤) ليس في شعره الذي جَمعه يحيى الجبوري. .
(٥) هو جَميلُ بن مَعْمَرٍ العُذريُّ.
(٦) انظر: ديوانه ٨٧، سمط اللآلي ٢/ ٧١٩.
(٧) هو كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه.
(٨) انظر: ديوانه ٦٦.
(٩) الجامع لأحكام القرآن ١/ ١٥٩.

<<  <   >  >>