للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: اجْمَعها». (١) فقد اكتفى بجزء من عجز البيت، وهو موضع الشاهد فيه، وربَّما يكونُ ذلك لاشتهارِ هذا البيت بين لعلماءِ، وتَمامُ البيت:

لا تَأْمَنَنَّ فَزَاريَّا حَلَلْتَ بهِ ... على قَلوصِكَ واكتُبْهَا بأَسيَارِ (٢)

ومِمَّن أكثر من الاقتصار على جزء من شطر البيت الزمخشريُّ في «الكشَّاف»، ومن أمثلة ذلك قوله: «{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥] (٣) ... فإن قلتَ: ما موقع هذه الجملة؟ قلتُ: هي جُملةٌ اعتراضيةٌ لا مَحلَّ لها من الإعراب، نحوِ ما يَجِيءُ في الشعر مِنْ قولِهم:

والحوادثُ جَمَّةٌ ... ..............................

فائدتُها تأكيدُ وجوبِ اتباع ملته». (٤) فالزمخشري قد اكتفى بذكر موضع الشاهد، وهو جزء من شطر البيت الشعري، وهو يشير إلى جُمْلةٍ اعتراضيةٍ ترد كثيرًا في أشعار الشعراء، ومن ذلك قول هند بنت النعمان بن المنذر:

ما كُنت أَحسبُ وَالحوادثُ جَمّةٌ ... أنّي أَموتُ وَلم يَعُدني العوّدُ (٥)

وقولُ عَمْرَةَ بنتِ الحُبابِ التغلبيَّةِ:

ما كُنتُ أَحسَبُ وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ ... أَنا عَبِيدُ الحَيِّ مِن غَسَّانِ (٦)

وقول القُطاميِّ:

وإذا أصابَكَ والحوادثُ جَمّةٌ ... حَدَثٌ حَداكَ الى أخيكَ الأوثَقِ (٧)


(١) المحرر الوجيز ١/ ٤٥.
(٢) وكَتْبُ الدَّابةِ هو الجَمعُ بين طرفي جلدها بِحَلقةٍ أو سَيْرٍ. انظر: الجامع لأحكام القرآن ١/ ١٥٨، الدر المصون ١/ ٨٥، الفاضل للمُبَرِّد ٥٠.
(٣) النساء ١٢٥.
(٤) الكشاف ١/ ٥٦٩.
(٥) انظر: الأغاني ٥/ ١٤٥.
(٦) انظر: شعر تغلب في الجاهلية ٢٢٢.
(٧) انظر: ديوان القطامي ٢٥٧، الأغاني ٢/ ٥٠.

<<  <   >  >>