للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

................... فَلَنْ أُعَرِّضْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ بالصَّفَدِ (٧)». (١)

فقد نَبَّهَ إلى أنَّ للبيت روايات أخرى يعرفُها، غير أنه اختارَ هذه الرواية للاستشهادِ بِها على أَنَّ «لن» قد تَجزمُ الفعل المضارع أيضًا.

- وربَّما يذكر المفسرُ الشاهدَ الشعريَّ بروايتينِ مُختلفتين، في موضعين من التفسير دون الإشارة إلى هذا الاختلاف في الرواية، ودون أن يكون لهذا الاختلاف أثر في موضع الاستشهاد من البيت، ومن ذلك قول الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: ١١٠] (٣): «وقالَ آخرونَ مِمَّن قرأ قولَهُ: {كُذِّبُوا} بِضَمِّ الكافِ وتشديدِ الذالِ: مَعنى ذلكَ: حتى إِذَا استيأَسَ الرُّسلُ مِنْ قَومِهم أَنْ يُؤمِنُوا بِهِم ويُصدِّقُوهم، وظنَّتِ الرسلُ بِمعنى: واستيقنت أَنَّهُم قَد كَذَّبَهم أُمَمُهُم، جَاءتِ الرسلَ نُصْرَتُنَا. وقَالوا: «الظنُّ» في هذا بِمعنى: العلم، مِن قول الشاعر:

فَظُنُّوا بِأَلفَي فَارسٍ مُتَلبِّبٍ ... سَرَاتُهُمُ في الفَارِسِيِّ المُسَرَّدِ». (٤)

مع أنه قد سبق أن استشهد بهذا البيت على المعنى نفسه، برواية أخرى فقال: «إِنَّ العربَ قد تسمي اليقين ظنًا، والشك ظنًا .... ومِمَّا يدل على أنه يسمى به اليقين، قول دُرَيْد بن الصِّمَّةِ:

فقلتُ لَهُمْ: ظُنُّوا بِأَلفَي مُدَجَّجٍ ... سَرَاتُهُمُ في الفَارسيِّ المُسَرَّدِ (٥)


(١) وصدر البيت:
هذا الثناء فإن تسمع به حسنًا ... ................................
وقوله: أبيت اللعن، تحية كانوا يحيون بها الملوك معناها أبيت أن تأتي من الأمور ما تلعن عليه وتذم. والصفد: العطاء. انظر: شرح الديوان للبطليوسي ٢٧، والجامع لأحكام القرآن ١/ ٢٠١.
(٢) المُحرر الوجيز ١/ ١٤٥.
(٣) يوسف ١١٠.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ١٦/ ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٥) انظر: ديوانه ٤٧، والأصمعيات ٢٣، والأضداد لابن الأنباري ١٤.

<<  <   >  >>