للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأكثر في معناه (١).

- أساليب ظاهرة من أساليب العرب، اشتهرت في كلامهم، ووردت في أشعارهم، وفي القرآن والسنة، حتى أصبحت معروفة واضحةً، والسامع لا يلتبس عليه المقصود، فلا يطلب المفسر لها شواهد من الشعر أو غيره. وقد ذكر ابن جني أسلوب حذف المضاف في اللغة، وذكر أن في القرآن منه ما يزيد على ألف موضع، ثم قال: «والأمر في هذا أظهر من أن يؤتى بمثال له، أو شاهد عليه» (٢).

ومن ذلك قول الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٦] (٣) وهو يتحدث عن دخول «أن» في هذه الآية، وعدم دخولها في قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ} [الحديد: ٨] (٤): «هما لغتان فصيحتان للعرب، تحذفُ «أَنْ» مرةً مع قولِهَا: مَالَكَ .... وهذا هو الكلام الذي لا حاجةَ بالمتكلمِ إلى الاستشهاد على صحتهِ، لفشو ذلك على أَلْسُنِ العربِ» (٥). ثم ذكر الوجه الآخر. فهو لا يرى حاجةً للشاهد إذا كان هذا الأسلوب شائع الاستعمال.

ومن ذلك قول أبي جعفر النحاس وهو يوجِّه القول بأَنَّ مَجيء قولهِ تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} [الفاتحة: ٣] (٦) مِن بابِ التوكيد: «وهو كثيرٌ في كلام العرب، يستغني عن الاستشهاد» (٧). وهو يعني أن مثل هذا التوكيد أسلوب معروف عند العرب، مستغنٍ عن الاستشهاد له بشواهد من كلامهم شعرًا أو نثرًا.

ومن ذلك قول أبي جعفر النحاس أيضًا وهو يفسر معنى قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] (٨)، وأن


(١) انظر: لسان العرب ٨/ ٢٧١ (ظن).
(٢) الخصائص ١/ ١٩٢.
(٣) البقرة ٢٤٦.
(٤) الحديد ٨.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ٥/ ٣٠٠.
(٦) الفاتحة ٣.
(٧) معاني القرآن ١/ ٥٤.
(٨) الفاتحة ٧.

<<  <   >  >>