للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشتملت على ما لا يليق ذكره في تفسير القرآن، أن من المفسرين الأئمة الكبار من يذكرها ولا يتحرج من إيرادها، حيث تفوق رغبته في البيان والإيضاح، تحرجه من إيراد مثل هذه الشواهد في التفسير، ومنهم من يعرض عنها مع علمه بها من باب فعل ما يراه أولى وأليق بتفسير القرآن.

وأضرب لذلك مثالًا بِمَا فعله ابن جرير عند تفسيره (١) لقوله تعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: ٢٦٦] (٢) حيثُ استشهدَ ببيتٍ ليزيدَ بنِ مُفرِّغٍ الحِميريِّ (٣) فيه لفظٌ لَمْ تَجْرِ عادةُ أهلِ المروءاتِ بالتصريح به، وقد نقل المفسرون بعد الطبري عن تفسيره كثيرًا من شواهده الشعرية مع الإشارة إلى ذلك في أحيان كثيرة، وعدم الإشارة في أحيان كثيرة أيضًا، إلا أنهم قد أعرضوا عن ذكر هذا الشاهد، ولم يوردوه.

فأعرض عنه الزجاج (٤)، وأبو جعفر النَّحاس (٥)، والزمخشري (٦)، وابن عطية (٧)، والرازي (٨)، والقرطبي (٩)، وأبو حيان (١٠)، والسَّمينُ الحلبيُّ (١١)، وكلهم من أهل العناية بشواهد الشعر في شرح غريب القرآن.


(١) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٤/ ٦٩٠.
(٢) البقرة ٢٦٦.
(٣) البيت في ديوانه ١٣٦، وفي طبقات فحول الشعراء ٢/ ٦٩٢ وانظر تعليق محمود شاكر رقم ٢، وتعليقه أيضًا في تفسير الطبري ٥/ ٥٥١ رقم ٣.
(٤) انظر: معاني القرآن ١/ ٣٤٩.
(٥) انظر: معاني القرآن ١/ ٢٩٥.
(٦) انظر: الكشاف ١/ ٤٩٨.
(٧) انظر: المحرر الوجيز ٢/ ٣١٩ - ٣٢٢ وقد أشار في صدر تفسيره للآية إلى اختيار الطبري في تفسير الآية مما يدل على قرب نظره في شاهده الشعري وتركه.
(٨) انظر: تفسير الرازي (مفاتيح الغيب) ٧/ ٦٤.
(٩) انظر: الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٣١٩ - ٣٢٠، وقد أفاض في شرح معنى الإعصار لغة، ولم يستشهد بالشاهد مع إشارته لاختيار الطبري في الآية.
(١٠) انظر: البحر المحيط ٢/ ٣٢٧، النهر الماد ١/ ٣٩٠.
(١١) انظر: الدر المصون ٢/ ٥٩٨ - ٥٩٩، وقد عدل إلى ذكر شاهد آخر يؤدي المعنى الذي أداه شاهد الطبري دون أن يكون فيه ما في ذاك.

<<  <   >  >>