للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الاحتجاج بشعر الشعراء، حيث لم يستشهد الطبري بشعر أحد من الشعراء المُحدثين، وتوقف في استشهاده عند ثلاثة شعراء كان العلماء يجعلونهم آخرَ الحُججِ، وهم إبراهيم بن هَرْمة (ت ١٧٦ هـ)، حيث استشهد له بثلاثة شواهد (١)، وابن ميادة الذبياني (ت ١٤٩ هـ) استشهد له بشاهد واحد (٢)، وأبو نخيلة الراجز (ت ١٤٥ هـ) استشهد له بثلاثة شواهد (٣)، وقد أدخلت هؤلاء الثلاثة في الإسلاميين لأنهم عاشوا أكثر حياتهم في الدولة الأموية في البادية، ولذلك يقول الأصمعي (٢١٦ هـ): «سَاقَةُ الشعراءِ ابنُ ميَّادةَ (ت ١٤٩ هـ)، وابنُ هَرْمَةَ (ت ١٧٦ هـ)، ورُؤبَةُ (ت ١٤٥ هـ)، وحَكَمُ الخُضَريُّ (١٥٠ هـ)، ومَكينُ العُذريُّ (١٦٠ هـ)، وقد رأيتُهم أجْمعين» (٤).

وأما الزمخشري فقد استشهد ببيت مفرد لأبي تمام ولم يقرنه بغيره وقد تقدم، ورأيته عند تفسيره لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] (٥)، وذكر ما روي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه في فهمه للآية، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - له: «إِنَّكَ لَعَريضُ القَفَا». فأشار الزمخشري إلى أن هذا القول يشار به إلى قلة الفطنة، فقال: «قلتُ: غَفَلَ عن البَيَانِ، ولذلك عَرَّض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قفاه؛ لأنه مما يستدل به على بلاهة الرجل، وقلة فطنته، وأنشدتني بعض البدويات لبدويِّ:

عَريضُ القَفَا مِيْزَانُهُ في شِمَالِهِ ... قَدِ انحَصَّ مِنْ حَسْبِ القَراريطِ شَارِبُه (٦)» (٧).

فقد يُفهم من هذا أن هذه البدوية أنشدته لشاعر متأخر، وربما


(١) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٦/ ٢١١، ١٣/ ٤١٠، ١٦/ ٢٧٨.
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٧/ ٣٨٤.
(٣) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١/ ٤٤٧، ١٩/ ٣٩٤.
(٤) الشعر والشعراء ٢/ ٧٥٣، وخزانة الأدب ١/ ٨، ٤٢٥.
(٥) البقرة ١٨٧.
(٦) لم أعثر عليه ولا على قائله.
(٧) الكشاف ١/ ٣٩٠.

<<  <   >  >>