للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يزد على ذلك. (١) كما أَنَّ المفسرين لا يتوسعون في شرح الشواهد الشعرية إلا في مواطن الخلاف والردود على غيرهم في فهم الشاهد أو الاستشهاد به. ولذلك فإن المفسرين لم يقصدوا إلى تفسير الشعر على نحو ما يفعل شراح الدواوين، وإنما كانوا يقصدون إلى تفسير القرآن الكريم، والاستدلال على صحة هذا التفسير بالشعر، فشرح الشعر يأتي تبعًا في كتب التفسير، وليس على وجه الاستقلال، ويكون ذلك بقدر حاجة التفسير، وبيانه لمعاني القرآن الكريم.

وقد مرَّ شرحُ الشعرِ بِمراحل منذ نشأته على يد شعراء الجاهلية أنفسهم، حتى استقر على يد أمثال أبي عبيدة والأصمعي ومن في طبقتهم، وأصبح له أعلامه المعروفون، ومنهجه الذي يسير عليه. ثم جاء أبو سعيد السكري فجمع دواوين القبائل والشعراء وشرحها، وليس له في هذا الباب نظير، وأما شرح شواهد الشعر فمن أبرز من تصدى لذلك أبو محمد يوسف السيرافي (ت ٣٨٥ هـ)، فقد صنف عدة كتب في شرح شواهد الشعر التي وردت في عدة كتب مشهورة بين الناس، فشرح أبيات كتاب سيبويه، وشرح أبيات «إصلاح المنطق»، وشرح أبيات «مَجاز القرآن» لأبي عبيدة، وأبيات «معاني القرآن» للزجاج، وشرح أبيات «الغريب المصنف» لأبي عبيدة القاسم بن سلام إلى غير ذلك. (٢)

وقد قمتُ بِجمعِ كُلِّ الشواهد الشعرية التي شرحها المفسرون، لاستخلاص الأسس المنهجية العامة التي كان يعتمدها المفسرون في شرح الشاهد الشعري، ووازنت بين شرح المفسرين لها وشرح غيرهم لمعرفة حجم الحهد الذي قدمه المفسرون في هذا الباب، وقمت باختيار نماذج من تلك الشروح وعرضتها كأمثلة، وهي تعبر تعبيرًا صحيحًا عن


(١) انظر: الكشاف ٣/ ٤٨٩ - ٤٩٠.
(٢) انظر: وفيات الأعيان ٧/ ٧٢ - ٧٣.

<<  <   >  >>