للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السُّورةِ واشتقاقها: «وإما أَنْ تُسمى بالسورةِ التي هي الرُّتبة، قال النابغة:

ولِرَهطِ سَوَّارٍ وقَدٍّ سورةٌ ... في المَجْدِ ليسَ غُرابُها بِمُطارِ (١)». (٢)

ولم يشرح الزمخشري البيت، لأنه يمكن معرفة المقصود من خلال إضافة الشاعر السورة إلى المَجد، مما يعني أنها مكانة عالية، بدليل وصفها بأنه «ليسَ غُرابُهَا بِمُطارِ» مِمَّا يعني ثبات هذه الرتبة، وبقائها للممدوح.

وقد يشرح الشاعرُ المعنى في شعره فيكفي المفسرَ مؤونةَ شرح الشاهد، ومن أمثلة ذلك ما ذكره الزمخشري في تفسيره لمعنى الختم في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: ٧] (٣) فقال: «وقد جعل بعضُ المازنييّن الحُبْسَةَ في اللسانِ والعِيَّ خَتْمًا عليه فقال:

خَتَمَ الإلهُ على لسانِ عُذافرٍ ... خَتمًا فليسَ على الكَلامِ بِقَادرِ

وإذا أَرادَ النُّطقَ خِلْتَ لِسَانَهُ ... لَحْمًا يُحَرِّكهُ لِصَقْرٍ نَاقِرِ». (٤)

فالمعنى في البيتين ظاهر يدل على أَنَّ المقصودَ بالختمِ الحُبْسَةُ في اللسان كما ذكر الزمخشري، لقول الشاعر «فليسَ على الكلامِ بقَادِر».

ومن الأمثلة عند ابن عطية أنه أورد شاهدًا من معلقة عنترة، وهو قوله:

وشَكا إِليَّ بِعَبْرَةٍ وتَحَمْحُمِ

ثم فسَّره ابنُ عطيةَ بِمَا قالَهُ عنترةُ بعده فقال: «وفُسِّرَ هذا المعنى بقوله:


(١) رواية الديوان:
ولِرَهطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سُورةٌ، وهما رجلان من بني أسد ...
انظر: ديوانه ٥٥.
(٢) الكشاف ١/ ٩٧.
(٣) البقرة ٧.
(٤) الكشاف ١/ ٤٩.

<<  <   >  >>