للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت دلالة (أَرِنَا) في الآيةِ ودلالة (أَرِينِي) في البيت بِمعنى الدلالة والتعريف، وقد عوَّلَ المفسرون على الشاهد في إثبات صحة المعنى واستعمال العرب إياها.

ومن الأمثلة قول الطبري: «وقوله: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢)} [مريم: ٩٢] (١) يقول: وما يصلح لله أن يتخذ ولدًا، لأنه ليس كالخلق الذين تغلبهم الشهوات، وتضطرهم اللذات إلى جماع الإناث، ولا ولد يحدث إلا من أنثى، والله يتعالى عن أن يكون كخلقه، وذلك كقول ابن أَحْمَر:

في رأسِ خَلْقَاءَ مِنْ عَنْقاءَ مُشرفةٍ ... ما يَنْبَغِي دُونَها سَهْلٌ ولا جَبَلُ (٢)

يعني: لا يصلح ولا يكون». (٣)

فدلالة الفعل (ينبغي) في الآية هي عينها دلالة الفعل في البيت، كلاهما بمعنى لا يصلح أن يكون، فإن الشاعر في قوله هذا «يصف جبلًا. يقول: لا ينبغي أن يكون فوقها سهلٌ ولا جبلٌ أحصن منها» (٤)، وهذا من الطبري من باب الموازنة بين المعنى في الآية والمعنى في الشاهد الشعري.

وقال الزمخشري: «أن تكون مما يقلب من الكلام لأمن الإلباس، كقوله (٥):

.......................... ... وتشقى الرماحُ بالضَياطرةِ الحُمْرِ (٦)


(١) مريم ٩٢.
(٢) خلقاء: أي صخرة ملساء، التبيان في إعراب القرآن ٢/ ١٣٦.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ١٥/ ٦٤١.
(٤) الصحاح ٤/ ١٥٣٣ وروايته فيه: «لا يُبْتَغَى دُونَها سَهْلٌ ولا جَبَلُ».
(٥) هو خداش بن زهير.
(٦) صدره:
............................ ... نَزَلْتُ بِخَيلٍ لا هوادةَ بينها
انظر: الأضداد لابن الأنباري ١٥٣.

<<  <   >  >>