للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلى المَلِكِ القَرْمِ وابنِ الهُمَامِ ... وَلَيْثَ الكَتِيْبَةِ في المُزْدَحَمْ

وذَا الرَّأيِ حِيْنَ تُغَمُّ الأُمُورُ ... بِذَاتِ الصَّلِيلِ وذَاتِ اللُّجُمْ

فنَصَبَ «ليثَ الكتيبةِ» و «ذا الرأي» على المدحِ، والاسم قبلهما مَخفوضٌ؛ لأنه من صفة واحد، ومنه قول الآخر:

فَليتَ التي فيهَا النُّجُومُ تَوَاضَعَتْ ... عَلى كُلِّ غَثٍّ مِنهمُ وسَمِيْنِ

غُيْوثَ الوَرَى في كُلِّ مَحْلٍ وأَزْمَةٍ ... أُسُودَ الشَّرَى يَحْمِيْنَ كُلَّ عَرِينِ» (١)

ولم يذكر وجه الشاهد في الشاهد الثاني، ثقة بفطنة القارئ أن يقيس وجه الشاهد على ما شرحه الطبري في الشاهد الذي قبله، فهما مسوقان للاستشهاد على قضية واحدة.

ومن الأمثلة قول الطبري: «وقد يحتمل نصبها على إتباعها موضع السمع، إذ كان موضعه نصبًا وإن لم يكن حسنًا إعادة العامل فيه على غشاوة، ولكن على إتباع الكلام بعضه بعضًا، كما قال تعالى ذكره: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} ثم قال: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢)} [الواقعة: ١٧ - ٢٢] (٢) فخفض اللحمَ والحُورَ على العطفِ بهِ على الفاكهةِ إِتباعًا لآخرِ الكلام أولَه. ومعلومٌ أَنَّ اللحمَ لا يُطافُ به ولا بالحُورِ العِيْنِ، ولكن كما قال الشاعرُ يصفُ فرسَه:

عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً بَارِدًا ... حتى شَتَتْ هَمَّالةً عَينَاها

ومعلوم أن الماءَ يُشربُ ولا يُعلَفُ به، ولكنه نَصَبَ ذلك على ما وصفت قبلُ. وكما قال الآخر:

ورأَيتُ زَوْجَكِ في الوَغَى ... مُتقَلِّدًا سَيفًا ورُمْحَا» (٣).

فقد شرح الطبري الشاهد الأول منهما قبله بقوله: «يصف فرسه».


(١) الطبري (شاكر) ٣/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٢) الواقعة ١٧ - ٢٢.
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٢٦٤.

<<  <   >  >>