للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال في شرحه: «أو حين أقبل، ثم حذف اكتفاء بدلالة الكلام عليه» (١). وهذا استشهاد نحوي بالشاهد الشعري على أسلوب الحذف عند العرب.

وأما في الموضع الثالث فقد كرره للاستشهاد به استشهادًا لغويًا على معنى قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠)} [النبأ: ١٠] (٢) فقال: «يعني بقوله لَبِسْنَ الليلَ: أُدخِلْنَ في سَواده فاستَتَرْنَ به» (٣).

وقد كرر المفسرون الاستشهاد بقول عبد الله بن الزبعرى:

ورَأَيتُ زَوجَكِ في الوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيفًا ورُمْحَا (٤)

فقد استشهد به الطبري سبعَ مراتٍ على الوجه نفسه، وأطال في شرحه في الموضع الأول فقال: «قد دللنا فيما مضى على أن العرب من شأنها إذا عرفت مكان الكلمة، ولم تَشَكَّكْ أن سامعها يعرف بما أظهرت من منطقها ما حذفت - حذفُ ما كفى منه الظاهر من منطقها، ولا سيما إن كانت تلك الكلمة التي حذفت قولًا أو بتأويل قول ... وكذلك قول الآخر:

ورَأَيتُ زَوجَكِ في الوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيفًا ورُمْحَا

وقد عَلِمَ أَنَّ الرمحَ لا يُتقَلَّدُ، وأنَّه إنَّما أراد: وحاملًا رمحًا، ولكن لما كان معلومًا معناه اكتفى بما قد ظهر من كلامه عن إظهار ما حذف منه». (٥) ثم أخذ يكرره دون شرح (٦)، حتى إذا طال الفصل عن الموضع الأول شرحه مرة أخرى فقال بعده: «فالرمح لا يتقلد ولكن لما كان فيما أظهر من الكلام دليل على ما حذف، فاكتفى بذكر ما ذكر منه مِمَّا


(١) المصدر السابق ١٢/ ٢٣٩.
(٢) النبأ ١٠.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٩.
(٤) رواية الديوان:
يا ليت زوجكِ قد غدا
انظر: ديوانه ٣٢
(٥) تفسير الطبري (هجر) ١/ ١٣٩ - ١٤١.
(٦) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١/ ٢٧١، ٥/ ٤١٨، ٨/ ٥١٦، ١١/ ٧٤.

<<  <   >  >>